بايدن يتطلع لموافقة بوتين

0
51

فشلت الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها من غزو أفغانستان وانسحبت بعد عقدين كاملين والآن ترتبط أي خطط مستقبلية تسعى إدارة بايدن إلى وضعها بموافقة بوتين، الذي وصفه بايدن “بالقاتل”.

فمنذ إعلان الرئيس الأمريكي أن بلاده ستنهي انسحابها من أفغانستان قبل الذكرى العشرين لهجمات 11 سبتمبر / أيلول 2001، يسعى كبار المسؤولين في إداراته إلى التوصل لاتفاق مع أي من دول اسيا الوسطى المجاورة لأفغانستان، للسماح بتمركز قوات أمريكية قادرة على التدخل لمنع ما قد تراه واشنطن تهديداً لها مصدره أفغانستان، لكن تحتاج الولايات المتحدة إلى مساعدة من “خصم ازلي” حتى تتمكن من تخليص نفسها من أطول حرب خاضتها والمقصود هنا هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحسب تقرير لمجلة “political” الأمريكية ترجمة “عربي بوست”.

يذكر التقرير أنّ إدارة بايدن تواصلت في الأسابيع الأخيرة بهدوء مع حكومات أسيا الوسطى، أملاً في استخدام واحدة أو أكثر من أراضي هذه الدول لاستضافة قواعد لها، بعد اكمال الانسحاب من أفغانستان، اذ لدى الولايات المتحدة مطلبان أساسيان: مركز انطلاق كي تواصل من خلاله مايحدث في أفغانستان، واستضافة مؤقتة لآلاف الأفغان الساعين للحصول على تأشيرات إلى الولايات المتحدة.

وكان المقترح حاضراً ضمن الأجندة عندما التقى وزير الخارجية انتوني بلينكين في مقر وزارة الخارجية بنظرائه من طاجكستان وأوزبكستان اللتين تعدّان الدولتين الأقرب من بين دول آسيا الوسطى الست التي ينظر إليها مخططو الجيش الآمريكي من أجل تنفيذ هذه الخطوة وذلك وفقاً لمصدر من الكونغرس.

تجاور كلتا الدولتين افغانستان، ويمكن ان تسمح كلتاهما بدخول أفغانستان مرة أخرى اسرع من القواعد الامريكية الموجودة في الشرق الأوسط ومن حاملات الطائرات المتمركزة في مياه الخليج التي تبعد مئات الاميال.

يتمثل المأزق الأمريكي في كل هذه التحركات في قدرة موسكو على استخدام نفوذها الاقتصادي والعسكري في المنطقة لتعطيل هذه المخططات، وذلك حسبما يقول مسؤولون وخبراء امريكيون.

لن تكون هذه المرة الأولى التي تتمركز فيها القوات الأمريكية في أسيا الوسطى دعماً للحرب الأفغانية، لكن احتمالية الوصول إلى اتفاقية كهذه مع إحدى دول آسيا الوسطى تبدو غير محتملة الآن، بالنظر إلى تعكّر صفو العلاقة بين واشنطن وموسكو التي وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة.

والقصة هنا تتعلق بكون غالبية الدول التي “تغازلها” واشنطن حالياً تعتمد على روسيا – وعلى الصين بدرجة ما – على صعيد الصادرات وكذلك المعدات العسكرية والتدريب، أذ تحتاج جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة إلى موافقة ضمنية من موسكو تسمح للقوات الامريكية بالتمركز فوق أراضيها.

فالعلاقات التي تجمع دول آسيا الوسطى بروسيا تصعب من طلب الولايات المتحدة منها استضافة آلاف المترجمين الأفغان والآخرين الذين ساعدوا القوات الامريكية خلال الحرب.

قال تيمور عمروف مستشار الأبحاث في مركز كارنيغي في موسكو ل “ politico’ إن روسيا لا تطلب من مواطني البلاد التي ترجو أمريكا تنفيذ مخططها فيها، الحصول على تأشيرة لدخول البلاد – وهي أوزبكستان وطاجيكستان وكازخستان – ولذا سوف يتوجب على موسكو إضافة المزيد من التدابير الأمنية للسيطرة على الحدود، فضلاً عن أن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة والموجه الأخيرة من الجانحة تعني ان هذه البلاد لن توافق على الأرجح على قبول المزيد من المهاجرين.

عندما ما يتعلق الأمر بتمركز القوات الأمريكية، فمن المؤكد أن روسيا لن تقبل الفكرة بسماحة، مع أن طاجيكستان لديها تاريخ يشهد على العمل مع الولايات المتحدة، بما في ذلك السماح لطائرات الحيش الأمريكي بالتزود بالوقود من مطارات البلاد في اعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول.

ومن بين الدول المجاورة لأفغانستان – وهي الصين ايران وباكستان واوزبكستان وتركمانستان – تبدو الخيارات المتبقية محدودة أمام واشنطن، فبعد استعباد الصين وإيران من الحساب أغلق رئيس الوزراء الباكستاني – عمران خان – الباب بعبارات لا لبس فيها أمام احتمالية تمركز القوات الأمريكية في البلاد.

اما تركمانستان التي وصفها عمروف بأنها “كوريا الشمالية” في آسيا الوسطى فلم تعرب عن أي اهتمام بالتعاون مع الولايات المتحدة على صعيد الصراع في أفغانستان، بل الأكثر من ذلك أنها أكثر اعتماداً على بكين من بقية جيرانها.

تشكل أوزبكستان اذن أكثر الفرص الواعدة بالنسبة للبلاد التي تشترك حدودها مع أفغانستان، إذ انها أقل اعتماداً على روسيا والصين من الدول الأخرى، وليست عضواً في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وهو تحالف عسكري من بعض جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة ولا تستضيف أي قواعد عسكرية اجنبية، وفي غضون ذلك أعاد الرئيس شوكت ميرضيايف العلاقات مع الولايات المتحدة حتى أنه زار واشنطن مؤخراً.

غير أن احتمالية استضافة قوات أمريكية في أوزبكستان بعد الإنسحاب سوف يُقابل على الأرجح بمعارضة شديدة من كل موسكو وبكين، وكذلك من المجتمع الأوزبكستاني، ما يجعل إدارة بايدن تنظر إلى أبعد من هذا المحيط مثل  “قيرغيرستان” التي لا تشارك حدوداً مع أفغانستان لكنها لديها تاريخ من استضافة القوات الامريكية بيد ان قيرغيرستان مثل طاجكستان تعتمد اعتماداً كبيراً على تحويلات الأموال التي يرسلها العمال المهاجرون إلى روسيا، وعلى الاستدانة من الصين.

وفي غضون ذلك، تبدو كازخستان خياراً أقلّ جدوى، نظراً إلى أنها تقع بين روسيا والصين، وتعدّ أقرب حلفاء موسكو وأحد أكبر الشركاء التجاريين للصين في المنطقة، بجانب أن بعدها عن أفغانستان يجعلها موقعاً أقلّ حيوية بالنسبة للقوات الامريكية لكن الطريقة الوحيدة في العموم لدى إدارة بايدن للوصول إلى اتفاق لتستضيف إحدى دول آسيا الوسطى قاعدة للقوات الامريكية على أراضيها، تكمن في اقناعها بأن من المزايا السياسية والمالية لهذا التعاون سوف تتجاوز الخسائر الأكيدة التي ستتكبدها دول آسيا الوسطى بكل تأكيد نتيجة رفض روسيا والصين، ولا يمكن وصف آسيا الوسطى بأنها أولوية للسياسة الخارجية للولايات المتحدة في الوقت الحالي تستوعب آسيا الوسطى أن الولايات المتحدة ليست مستعدة لموازنة ثقل روسيا والصين في المنطقة لكنها تحتاج إلى آسيا الوسطى من أجل المصالح قصيرة الأمد.

About the author

Author profile

كاتب بحريني وعضو التقدمي