ابتهجت كثيراً وأنا أراقب حالات انخفاض أعداد المصابين بفيروس كورونا في البحرين. ولاحظت أن الانخفاض قد بدأ منذ النصف الثاني من شهر يونيو الماضي، وتواصلت حالات الانخفاض خلال شهري يوليو وأغسطس أيضاً، وربما شجع انخفاض الحالات الناس على الاطمئنان والبدء بالخروج التدريجي، كما تواصلت حالات الحثّ على أخذ التطعيم من قبل الفريق الوطني للتصدي للوباء.
ومن لا يتمنى أن ينحسر هذا الوباء الى الأبد! فقد أذاقنا أشدّ المرارات واحدة تلو الأخرى، وفقدنا بسببه الكثير من الأحبة، وما يزيد الأمر سوءا أنك لا تستطيع حتى تعزية احبابك في فقد أهلهم واحبتهم بشكل مباشر وطبيعي،فأيّ غصة ومرارة أشد من ذلك؟ خاصة في الفترة التي اشتد فيها الوباء وزادت الوفيات من جراءه خلال شهري مايو ويونيو2021.
في زمن الكورونا حرمنا من مباهج كثيرة، كنا قبلا نمارسها بشكل طبيعي وعفوي. وأهمها أننا أصبحنا لا نستطيع ملاقاة أحبابنا بشكل طبيعي. أسر كثيرة حرمت من لقاءاتها الأسبوعية خلال إجازة نهاية الأسبوع يومي الجمعة والسبت خوفا من الإصابة بالفيروس، فحرم الكثير من الآباء والأمهات من ملاقاة أبنائهم، وشعروا بالعزلة والخوف والقلق.
من المتعارف عليه في البحرين ودول الخليج والدول العربية أن تتجمع الأسر على وجبة الغذاء او العشاء في نهاية الأسبوع، ولكن هذه العادة انقطعت عند أسر كثيرة طوال سنة ونصف السنة تقريباً، أما بعض الأسر التي جازفت واجتمعت فقد وجدنا أن الوباء انتشر بين الكثير من افرادها، لكأنه يريد أن يعلمنا درساً قاسياً ويقول: أنا لكم بالمرصاد إن اجتمعتم.
كثير من الأسر فقدت أحبّة لها وودعتهم بالدمع، بل ولم يتسن لها حتى إلقاء نظرة الوداع الأخيرة على وجوه أحبتها قبل مواراتهم الثرى. وبشكل او بآخر جميعنا تضررنا من الجائحة، حتى تلك الأسر التي منَ عليها الله بعدم فقد أي من افراد عائلتها.
وكنت أحسب أنه ما دامت أعداد الإصابات قد انخفضت في البحرين فإنها ستنخفض حتما في الدول الأخرى أيضاً، ولكن خلافا لتوقعي ارتفعت الحالات في بريطانيا، إندونيسيا، وفي دول أخرى كثيرة.
فيما كنت أراقب حالات الانخفاض، وأراقب الناس التي اعتادت ارتداء الكمام، وأصبح جزءا من رويتنها اليومي، تساءلت هل ستختفي جائحة كورونا من العالم نهائيا والى الأبد، فلا تعود هناك حاجة لارتداء الكمام؟ ونستطيع الخروج او الجلوس مع الأحبة بدون خوف أو وجل، وبالتالي تنطوي هذه الصفحة المؤلمة في تاريخ البشرية، وتصبح نسياً منسيا؟!