بهدف صياغة استراتيجية وطنية لعراق فاعل ومؤثر في المنطقة العربية وفي العالم عقد مؤتمر حوار بغداد الدولي الرابع تحت عنوان “استراتيجية التحول إلى دولة فاعلة… أهمية الانسجام الداخلي في ضوء التحولات الاقليمية والدولية”، في الحادي والعشرين من أغسطس الماضي بمشاركة العشرات من المختصين والباحثين من داخل وخارج العراق وبالتنسيق مع العديد من الجهات الرسمية.
قدمت خلال المؤتمر بحثي الذي تناول “مسارات تحوّل العراق إلى فاعل إقليمي”، وهو ما بات متعذرا بعد دخوله في حال من المعضلة السياسية والأمنية والفوضى بسبب فشل الاحتلال الأمريكي في بناء الديمقراطية من جهة، والنفوذ الإيراني المتزايد من جهة أخرى، حيث تحرص إيران على وجود حكومة ترعى مصالحها في العراق.
يضاف إلى ذلك فشل الحكومات العراقية المتتالية في بناء مؤسسات الدولة ومكافحة الفساد وظهور الميلشيات المسلحة التي تحمل السلاح خارج قانون الدولة، وتؤثر سلباً على الأمن، وفشل الدولة في السيطرة على هذه الجماعات.
كان هدف البحث تحديد مسارات تحوّل العراق إلى فاعل اقليمي، عبر تحديد المعايير الدولية في اعتبار الدولة هشة أم العكس، كقدرة هذه الدولة على القيام بمهامها الأساسية، تقديم الخدمات العامة للمواطنين، حقوق الإنسان والتدخلات الخارجية، إضافة إلى توضيح الفرق بين الدولة الراكدة، الهشة والضعيفة من خلال “تجربة العراق” كمثال.
بالإضافة إلى ذلك، تحرى البحث الأسباب والعوامل الداخلية والخارجية التي جعلت العراق دولة هشة وفاشلة، وهي نفسها الأسباب التي تشكّل معوقات لبناء دولة العراق وتحوّله إلى فاعل إقليمي وتحليلها، وهي كما أسلفنا الغزو الأمريكي للعراق، التواجد العسكري الأمريكي والتدخلات الإيرانية فيه بعد عام 2003، الدستور العراقي، النظام السياسي والأحزاب السياسية التي حكمت العراق بعد هذا التاريخ، إضافة إلى الميليشيات المسلحة والحالة الأمنية في عام 2014، عندما غزا تنظيم (داعش) وسيطر على عدة مناطق عراقية.
قام البحث بتقديم المقترحات التي يمكنها أن تحوّل العراق إلى فاعل اقليمي في المنطقة والتي تسهم في بناء دولة العراق، بما في ذلك ضرورة أن تكون الانتخابات المقبلة بعيدة عن التدخلات الخارجية التي تحاول تقويض العملية الانتخابية والديموقراطية من أجل مصالحها. ولا ننسى طبعا المنافسة والصراع الأمريكي الإيراني على الأراضي العراقية والذي يؤثر بشكل رئيسي وسلبي على الوضع السياسي والأمني في العراق.