على إثر تحركات دبلوماسية بحرينية ألغى السودان قراره المتعلق بوقف ترخيص مشروع (خيرات البحرين)، الذي وقعت البحرين اتفاقيته مع السودان في مجال الأمن الغذائي في العام 2015. وبررت مفوضية الاستثمار بالولاية الشمالية بالسودان سبب الإلغاء إلى أن “المفوضية ماضية في استرداد أي أرض غير مستثمرة لحكومة السودان”.
المشروع عبارة عن أرض استثمارية تبلغ مساحتها 42 ألف هكتار لإقامة عدد من المشاريع الزراعية والحيوانية لصالح البحرين على الأراضي السودانية لسدّ حاجة السوق المحلي ودول المنطقة من المنتجات الزراعية والحيوانية، حسبما جاء في التصريح الرسمي حينها. ونصت الاتفاقية على أن تمتد الفترة لـ 99 عاماً معفيّة بشكل كامل من الرسوم وغيرها من الضرائب، بالإضافة الى اعفاء كامل من الضرائب الجمركية لمدة 5 سنوات قابلة للتجديد إذا اقتضي الأمر.
المربك في الموضوع هو تصريح الرئيس التنفيذي لشركة ممتلكات البحرين القابضة “ممتلكات”، الذي توقع في أكتوبر 2018 أن “يبدأ قطف ثمار (خيرات البحرين) في السودان، خلال 2019″، وهو الأمر الذي لم يتحقق في العام المذكور، وعلى افتراض أن جائحة كورونا قد باغتت المعنيين على هذا الملف وحالت دون أن تسير الأمور بصورتها الطبيعية، ماذا يعني تصريح المسؤولين في السودان أن الأرض الاستثمارية لم يتم الاستفادة منها منذ توقيع الاتفاقية في 2015، حتى وقت إلغاء الترخيص في 2021 ؟
ست سنوات مرّت والأرض لم يتم تعميرها، بل إن رئيس ممتلكات في ذات التصريح أعلن بأن: “العمل على تطوير الموقع جاري على قدمٍ وساق، مما سيساهم بدوره في تعزيز منظومة الأمن الغذائي لمملكة البحرين في مجال الثروتين الزراعية والحيوانية”.
هناك حلقة مفقودة بلا شك في موضوع الأرض الاستثمارية تلك، ففي الوقت الذي يصرح فيه الرئيس التنفيذي لممتلكات بأن العام 2019 ستشهد السوق المحلية نتائج (خيرات البحرين)، وأن العمل جاري على قدم وساق لتحقيق ذلك، يصرح وزير الخارجية قبل أسابيع بأن: “الجهات المختصة في مملكة البحرين، ممثلة بشركة “ممتلكات”، بصدد الانتهاء من إعداد دراسة استراتيجية شاملة تشمل مشروع (خيرات البحرين)، بما يتفق مع أهداف الشركة ورؤيتها الاستثمارية، ولما من شأنه تعزيز الأمن الغذائي لمملكة البحرين”.
الحاجة إلى تأمين ضمان غذائي، أصبح من الأولويات القصوى التي يجب وضعها في الحسبان خصوصاً بعد انعكاسات جائحة كورونا التي كشفت ضعف الإمكانيات لتولي مسؤولية تأمين الأمن الغذائي ذاتياً، وتخفيف اللجوء إلى دول الجوار لتأمين الاحتياجات الغذائية اليومية للمواطن. إن لم تكن جائحة كورونا قد أيقظت بعد أهميّة هذا الملف وحساسيته البالغة، فلا عزاء لنا.