إسرائيل دولة احتلال والتطبيع معها مرفوض شعبياً

0
28

 شهدنا خلال الفترة الأخيرة، وللأسف الشديد،  هرولة بعض الدول العربية للتطبيع مع الكيان الصهيونى الغاصب، والترويج الكامل لإقامة علاقات اقتصادية وسياحية وثقافية وفنية وغيرها معه، بذرائع أقل ما يقال عنها إنها محاولة لاستغفال الشعوب العربية، عبر الزعم بأن التطبيع سيحقق فوائد كبيرة للمنطقة وشعوبها، وسيخلق فرصاً وشراكات تجارية وازدهارا اقتصادياً، ويسهم في تلاقح التجارب والخبرات، وغير ذلك من المبررات التي تستهدف كسر الحواجز الكثيرة بيننا ودولة العدو، والانتقال من حالة العداء والمقاطعة إلى حالة الود والوئام، والزعم بأن ذلك سيكون لمصلحة القضية الفلسطينية.

ما يجري الآن على صعيد التطبيع يفرض علينا كشعوب عربية أن نعي بأن هذا التطبيع هو اختراق للمجتمعات العربية، ويشكل تهديداً للعرب وللقضية الفلسطينية، وعلينا ألا ننخدع بالمزاعم التي تروج للتطبيع وإيجابياته، كما علينا أن نتصدى لدعاة التطبيع  والذين يسوقونه ويروجون له بذريعة دواعي الأمن القومي والوطني، أو أي مزاعم أخرى لها دوافع معروفة، وهذه مهمة تقع على عاتق القوى السياسية والمجتمعية المختلفة ومؤسسات المجتمع المدني كافة، بما فيها التنظيمات النسائية، وكذلك الشخصيات الوطنية.

إن التطبيع القائم على قدم وساق، ويتم الترويج له، يجري في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الفلسطيني الكثير من أوجه المعاناة والإذلال والقمع من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني والتي طالت جميع جوانب حياة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وحرمانهم من حقوقهم الأساسية، ومصادرة أراضيهم وسلب ممتلكاتهم، وإقامة مستوطنات صهيونية غير قانونية، وغير ذلك من الممارسات القمعية، والجرائم التي لا تعد ولا تحصى، بما في ذلك ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون في سجون ومعتقلات العدو، والمطلوب أن نكثف الوقفات والمواقف التي تعبر عن رفضنا للتطبيع مع هذا الكيان الغاصب. كما علينا عدم الإلتفات إلى من يقللون من أهمية مقاومة التطبيع ولا يرونه مؤثراً، فالعكس هو الصحيح، هذه المقاومة هى حائط صد لأي محاولات من جانب الكيان الصهيوني للاختراق والتمدد نحو العمق العربي .

إن موقف الشعوب العربية سيظل مشرفاً على الدوام، في اجماعها على رفض التطبيع مع العدو الصهيوني، بكافة أشكاله وصوره، ولها مواقف مشهودة تعبر عن هذا الرفض، ومنها موقف شعبنا البحريني، الذي عرف بتعاطفه ومؤازرته للقضية الفلسطينية منذ نشوئها، وفي الفترة الأخيرة كثفت جمعياتنا السياسية ومؤسسات مجتمعنا المدني من نشاطها مناصرةً للقضية الفلسطينية، ورفضاً لمحاولات فرض الأمر الواقع الذي يبرر أو يقبل التطبيع، فالقضية الفلسطينية كانت ولازالت وستبقى مغروسة في وجداننا، لذا فإن تطبيع العلاقات الرسمية وتبادل السفراء مع دولة الاحتلال، ومحاولات إقامة مشاريع وبرامج مشتركة معها شكّل صدمة كبيرة لنا، واستفزازاً لمشاعرنا.

إننا نرفض التطبيع، لأننا ضد المشروع الصهيوني العنصري الذي اقتلع شعباً عربياً شقيقاً من أرضه بكل وحشية دون أدنى اعتبار للحقوق الوطنية والتاريخية والإنسانية للشعب الفلسطيني، ما يتطلب عزل دولة الاحتلال لا توقيع اتفاقيات التطبيع معها، لأن معنى هذا التطبيع ومؤداه هو الاعتراف بالدولة الإسرائيلية ومارساتها ضد الفلسطينيين وإقرار بشرعية المحتل الغاصب، مما يعنى التنكر للقضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وضمان وحق اللاجئين في العودة إلى بلادهم.

كما أن هذا التطبيع يمس بمكانة وقدسية القضية الفلسطينية بالنسبة للشعوب العربية، باعتبارها قضية العرب المركزية، انطلاقاً من أن فلسطين أرض عربية مغتصبة من العدو الصهيوني، وعلى هذا القناعة الراسخة نشأت أجيال عربية عبر عقود طويلة، وهذا ما يراد للأجيال القادمة ان تنساه، من خلال تزييف الحقائق في الإعلام ومناهج التعليم، ومن خلال سياسات التبادل التجاري والسياحي وغير ذلك، فغاية التطبيع والمروجون له هي المساس بهذه القناعة وتحويل إسرائيل المحتلة بعد التطبيع إلى دولة صديقة، والموافقة على فرض سيطرتها على أرض فلسطين من البحر إلى النهر، وعلى جميع المقدسات الإسلامية والمسيحية، وإعطاء العدو الغاصب كل أسباب الغطرسة والتمادي في عدوانه على الحقّ الفلسطيني وأهله.

ولا يمكن أن نغفل عن حقيقة أن  التطبيع مع العدو الصهيوني يتنافى مع قرار الأمم المتحدة رقم 194، وقرار مجلس الأمن رقم 2334 الذي طالب إسرائيل بوقف الأنشطة الإستيطانية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهو تأكيد أممي صريح من الأمم المتحدة بعدم مشروعية الوجود الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، وبأن الشعب الفلسطيني شعب محتل من قبل الإحتلال الإسرائيلي.

اليوم وغداً فإن المهمة الماثلة أمامنا هي مقاومة التطبيع بشتى الوسائل، وإقامة سياج منيع لا يمكن أن تخترقه المعاهدات والاتفاقات مع العدو الصهيوني، والعمل على إحباط المخططات الصهيونية التي تستهدف مجتمعاتنا وثقافتنا وزعزعة إيمان شبابنا بالقضية الفلسطينية، وذلك بتوعية الشباب بالمخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية، وتعزيز انتماءهم تجاه القضية، ولفت انتباههم للمؤامرات الصهيونية، واستنهاض هممهم لدعم الرفض الشعبي للتطبيع.

إن السلام الشامل والعادل والدائم لا يتحقق إلا بانسحاب إسرائيل من كافة الأراضي العربية المحتلة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وعودة جميع اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم التي هُجروا منها، وهذا ما تنصّ عليه القرارات الدولية التي يجري انتهاكها من دولة العدوّ.

وختاماً نعود ونؤكد أن التطبيع بين البحرين وبين الكيان الصهيوني، ليس خيار الشعب البحريني الواقف بثبات مع الحق الفلسطيني العادل والمشروع، والمتضامن مع نضال الفلسطينيين على كل الجبهات في سبيل نيل حقوقهم، والرافض لكل ممارسات العدو الصهيوني  الذي يمارس افظع وأقذر الجرائم وابشعها ضد الشعب الفلسطيني،  وسيظل شعب البحرين نصيرًا لفلسطين وشعبها حتى ينال كامل حقوقه، مطالباً بإلغاء هذه الاتفاقيات وسحب السفير البحريني المعين في الكيان المحتل وطرد القائم بالأعمال الصهيوني في مملكة البحرين.