العقوبات البديلة.. فلتكن البداية

0
40

لعله من نافلة القول أن نعلن موقفنا بسعادة بالغة  لنقول إن الافراجات الأخيرة التي اعلنتها وزارة الداخلية مؤخرا عن عدد من الموقوفين والمحكومين والذين بلغ عددهم في الدفعة الأخيرة 30 محكوماً، علاوة على دفعات سبقتها خلال الفترة الماضية، منذ صدور قانون العقوبات البديلة في العام2017 حيث ازدادت وتيرة الافراجات منذ أكثر من عام، اشاعت اجواءاً من الفرح والابتهاج لدى أسر وعوائل المحكومين الذين بدأوا يستشعرون أملاً وضوءاً في نهاية النفق المظلم الذي فرضته جملة من الظروف الاجتماعية والأحداث السياسية الصاخبة في البحرين.

باعتقادي أن قانون العقوبات البديلة وما يطرحه من حلول ومخارج لها سمات ايجابية واضحة امام السلطات الأمنية وصناع القرار في البحرين وامام المجتمع بأسره، ومن اجل استعادة الوئام الاجتماعي ولم الشمل الوطني والبدء بتجاوز كافة الأوضاع التي وجدنا انفسنا في لجتها خلال عقد من الزمان حتى الآن، باتت تستدعي منا جميعا وقفة، بل وقفات لمراجعة كافة اوضاعنا السياسية والاجتماعية للخروج نحو فضاءات يجب ان تتسع لمزيد من العمل الوطني والشراكة السياسية الحقيقية غير المنقوصة وإن تدرجت في مراحلها، سعياً منا جميعا لاستعادة حضورنا واشعاعنا  الوطني الحضاري الذي يجب ان لا نقبل تحت اي ظرف ان يبهت او يخفت بريقه.

  فجميع دول العالم دون استثناء مرت وستمرّ بظروف سياسية واجتماعية وربما بحروب مدمرة أحيانا كثيرة إلا إنها في نهاية المطاف، وبفضل  حكمة  ونضج قادتها وساستها ووعيها المجتمعي، كثيرا ما تهتدي الى طرق ووسائل شتى لمعالجة ما أصابها من ندوب ومحن لتبدأ لاحقا في وضع أقدامها بثبات على طريق التحضر والنماء والشراكة والاستقرار عبر مواثيق وتوافقات وطنية لتستفيد مما مرّ بها من محن وتحديات.

 ليس عيبا ان نبدأ مشوار الألف خطوة بخطوات صغيرة لكنها مدروسة وثابتة، فلتكن خطوات الإفراجات الأخيرة والبدء في تفعيل قانون العقوبات البديلة وما اجري عليه من تعديلات ايجابية بحسب المرسوم الملكي السامي الأخير مبعث امل وانفراجة لطالما تمنيناها لتخرجنا نحو صيغة مرجوة من التوافق الوطني الذي يعيد لبلادنا وحدتها وانسجامها الوطني الذي عرفت به على مرّ عقود طويلة.

 لقد اشادت كتلة “تقدّم” البرلمانية من خلال بيانها الأخير بتلك “الخطوات الإيجابية التي فتحت الأبواب أمام انفراجة سياسية مأمولة نتمنى أن تتوالى فصولها تباعاً، حتى تستعيد البحرين فرحها الموعود، كما رأت في التوجيهات الملكيّة الأخيرة خطوة حكيمة وواعية تستجيب لمطالبات أسر وعوائل المحكومين، وتأسيساً حصيفاً لمتطلبات المرحلة القادمة بما تحمله من تحديّات كبيرة تتطلب منا جميعا قيادة وشعبا الاستعداد لها بكل مقومات العمل المشترك لرفعة الوطن وحل قضاياه المختلفة بروح من المسؤلية والتضامن، وكذلك فعلت بعض الجمعيات السياسية  عبر بياناتها المعلنة.

وبالفعل ليس أمامنا الا خيار التوافق الوطني والعمل على حلّ الاشكالات القائمة ومواجهة التحدّيات بروح من المسؤولية الوطنية التي تحتم علينا ضرورة الانتباه جيدا لكل ما يمكن أن يجرّه علينا الاهمال المستمر لمعالجة قضايانا المتعددة، فالهروب بعيداً ودفن رؤوسنا في الرمال والحديث المستمر بأن اوضاعنا مستتبة وعلى ما يرام لن يجدي ولن ينفع احداً، إلا اولئك المعتاشون والمقتاتون على الأزمات، لكن التاريخ يعلمنا أنّ هؤلاء في مجملهم وعلى تنوع مشاربهم وانتماءاتهم ومصالحهم لا يصنعون وطناً ولا يبنون دولة بقدر ما يروجون لأحقاد وشعارات تحمل الوهم للناس والتشظي والسقوط الحتمي للجميع عاجلاً أم آجلاً، وحدهم أولئك الذين يستشعرون بصدق الهم الوطني وينشدون المستقبل ويحملون الأمانة لأجياله هم القادرون على خلق روح من التفاهم والتوافق الوطني وما اكثرهم في بلادنا.

لذلك علينا ان لا نقبل التراجع والنكوص عن أي خطوات ايجابية تمّ اتخادها، فهناك آلاف الأسر التي تنتظر عائلاً وحبيباً وزوجاً وابناً وحفيداً، تنتظره بفارغ الصبر ليعود لأحضان أرهقها الانتظار واتعبتها المعاناة، وعلينا ألا نسمح  أو نستجيب لإعاقة أي خطوات ايجابية ينتظرها الناس بكل شرائحهم، وينتظرها الوطن بأسره، وليكن البدء في تفعيل قانون العقوبات البديلة مدخلاً  لمرحلة جديدة من الانفتاح  والإصلاح والبناء وتبييض السجون وعودة الجميع لأسرهم ومحبيهم وعودة الوطن معافى زاهياً بجميع أبناءه.