خطورة النزاعات الطائفية

0
26

في خضم تطور المجتمعات العربية اليوم نرى ظاهرة تنامي النزعات الطائفية والتي تنزلق نحو النزاعات، وهذه المسألة أين ما كانت هي والجهات التي تساهم في تأجيجها هي من الأسباب الرئيسية في ضعف وتقهقر المجتمعات المدنية العربية.

المفكر الشهيد مهدي عامل أشار في أطروحاته حول الدولة الطائفية بأن البرجوازية السياسية والطائفية هي التي تصرّ على أن يأخذ الصراع الطائفي مكان الصراع السياسي والطبقي والاجتماعي من أجل خلق الأزمات واستمرارها لصالح تكتلات طائفية، إذن فالخطر الكامن وراء مثل هذه الصراعات يجعل الجماهير منقسمة طائفياً بدلا من نمو الوعي الحقيقي الاجتماعي والسياسي والوطني،  وتؤدي إلى الابتعاد عن الوحدة والتضامن لتحقيق مطالب العمال وسائر الكادحين.

الصراع الطائفي يساهم في هيمنة التيارات الطائفية ذات الصلة بالفوضى الخلاقة التي لا تقيم وزناً للمصالح الوطنية لبلدانها وشعوبها، وهذا ما نراه بوضوح في بعض البلدان العربية خصوصا في لبنان والعراق وغيرهما. ثم أن حجم المعاناة جراء النزاعات الطائفية بارز في زيادة الاحتقان السياسي والضعف الاقتصادي والتشتت المجتمعي وتهميش الطبقة العاملة خصوصا في ظل تنامي البطالة وتدني الأجور وزيادة مستوى الفقر والهجرة والتهميش، وإذا ما تطرقنا لأنشطة المجتمع المدني فإن الصراع الطائفي يحوّلها الى مستوى متدنٍ.

وأخطر ما في مسألة النزاعات الطائفية إذا وصلت لمستوى الصراع المسلح، هو أن تتحكم فيها الميليشيات التي لها أجندة خارجية وتتبنى أفكاراً بعيدة عن المصالح الوطنية والشعبية، بل هي أداة للدول الإقليمية والعالمية صاحبة المصلحة في تأجيج الصراعات الطائفية في البلدان العربية، كما أن تقسيم المجتمعات طائفياً يساهم في تدني مستوى النضال في مسألة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار السياسي من خلال ضعف القوى والأحزاب السياسية المدنية.

بات من الضروري أن تكثف القوى الوطنية والتقدمية، خصوصا القوى اليسارية، نشاطها عبر كل الوسائل المتاحة لإعلامها وكتابها ومثقفيها للوقوف ضد التأثير الطائفي في وسط المجتمعات العربية، وضرورة تقوية دور المثقف الوطني في إعلاء القضايا الوطنية ذات الصلة بحياة ومستقبل الشعوب العربية، وهنا يأتي دور القوى التقدمية واليسارية في بث روح الوحدة الوطنية من أجل حياة أفضل تؤمن المساواة والحقوق للجميع.