حين سيحسب الله أعمارنا، سيوزع كذلك علينا ما تبقى من أعمار الأطفال؛ قتلى العبث الذين يغطي دمهم عيوننا، والذين لا ننتبه لهم عادة.
حين سيحاسبنا الله على حيواتنا، سيسرد لنا كذلك، خططه التي كان قد أعدها لحيواتهم التي اجتثت أمامنا، دون أن نحرك ساكناً.
***
يمكنني دفع هذا العالم نحو الهاوية، لكن ماذا تعتقدون أنه سيحدث؟ لا شيء بالمرة، كلنا قادرون على ارتكاب الفظائع، ولكن لا أحد يستطيع إنقاذ أحد.
***
يمكننا أن نتيقن من هذا فقط. إننا كبشر لسنا سوى عقد صغيرة في شبكة صياد منحوس، لا هو يصيد شيئاً، ولا هو يكفّ عن رمينا في البحر كل مرة.
***
ليس الحلم ما أعنيه، ليس الكابوس، أو النهوض مفزوعاً في الليل، ليس البكاء على طرف سرير الأبد وضرب الجثة الميتة عليه، إنني أعني صمتكم جميعاً.
***
وهذا فيه الكفاية، دويّ الطائرات العائدة بكآبة نحو قواعدها، أو أحذية الأطفال التي تصطك في الأرض بقوة غير مبررة، هذا فيه الكفاية لنهز رؤوسنا.
***
أبحث عن سببٍ للبكاء، يا للسخرية.. حقاً، رغم كل هذا الدمار الذي يغلف العالم، ما أزال أبحث عن سببٍ للبكاء، سبب آخر أرقّ كثيراً من كل هذا الموت
***
يوماً ما سينمو الحديد فوق جلودنا نحن البشر، وسنعرف حينها، ماذا ضيعنا. لن يستطيع أحدنا تحسس خدّ الآخر، ولا لطمه.
***
لا بأس… علينا فقط أن نبتسم، ببلاهة، بكذب، بادعاء، بزيف، بغباء، ببرود، بسطحية، بجفاف. نبتسم، نبتسم… حتى ننفجر بالبكاء.
***
لا أحد يريد أن يمدّ يده لأحد، كلهم يودّ الجلوس أمام الشاشة، ومراقبة الغرقى..
***
أيها الماضي الآتي من خلفنا
لا تثقل على النيام
ومُر جيادَك أن تخفف خطاها
حينما تعبر نحو الغد.
***
القبر الكبير الذي اسمه العالم، جثة من فيه؟
***
الأفعى ذات الرؤوس الكثيرة، كل رأس يعض الآخر..
حتام كل هذا الألم؟ متى يتوجب عليها أن تموت؟
***
يبحثُ الناجون عن تنكة ماء
ويبحثُ الشهداء عن غسول لدمائهم..
ويبحث القتلة عن أعداء
وتبحث الأنظمة عن ورقة توت
والصبي الذي لم ينجُ
في السماء وحيداً، يبحث عن الله.
***
حينما نتعب نهائياً
ولا يبقى منا سوى عيوننا المتوثبة للقتل
وأيدٍ متراخية لا تقوى على حمل سكين
سيسقط رأسنا في التراب
ولن تهّب أية ريح
لتدفننا.
***
أوصيك..
أيها الناجي الأخير،
حين تجد نفسك
والجثث تحوطك من كل جانب
وكذلك العوسج البرّي
لا تدفن أية جثة..
اجلس متقرفصاً
وشُمَّ رائحة الموت.
***
ابتسم أيها الموت.. ابتسم.. لقد منحناك ما يكفي وأكثر..