الأداء الاقتصادي وضريبة القيمة المضافة

0
14

أعلن وزير المالية قبل أيام (30-9-2021) أن نمو الناتج المحلي الاجمالي خلال الربع الثاني  (1 أبريل إلى 30 يونيو 2021) كان  3.5% مقارنة بالربع الأول من عام  202، وبنسبة 5.7%  مقارنة بالربع الثاني من عام 2020.  والزيادة  الاسمية) في قطاع الاتصالات والمواصلات (45%) والفنادق (41%) والصناعات التحويلية (24%)  والمشروعات المالية (11%)  تقريبًا.  بينما نمو الناتج المحلي غير النفطي (الحقيقي) كان 7.8% في نفس الفترة وهو اعلى مستوى منذ 2019. وسجلت أنشطة الخدمات الاجتماعية والشخصية ارتفاعا بنسب 11%، وارتفع نشاط الزراعة وصيد الأسماك بنسبة 5.6%، ونما النشاط السياحي بنسبة (40.7%)، وكذلك الصناعات التحويلية وحتى القطاع النفطي تحسن الوضع بنسة 8% تقريبًا. أي أن هذه الارقام تشير الى تعافي الاقتصاد وانتعاش في معظم القطاعات .

هذه أخبار إيجابية تبشر بالخير ونشكر القائمين عليها، ويرى الوزير بأن ذلك يعبر عن “قوة الاقتصاد البحريني” وقدرته على العودة إلى مستوى ما قبل الجائحة، وأن الناتج المحلي الإجمالي سجل أعلى مستوى منذ 2019 بنمو 7.8%. المفارقة لأن الحكومة في نفس الوقت تقول للمواطن أن الاقتصاد بحاجة إلى فرض ضريبة قيمة مضافة أو تخفيض راتبه لمعالجة العجز في الميزانية وتخفيض الدين العام.  ما يحير المواطن هو كيف لا ينعكس هذا النمو والقوة الاقتصادية على الميزانية العامة ولا يستفاد منها في تعزيز الانفاق الحكومي؟ ويحتاج إلى زيادة ضريبة القيمة المضافة؟ كما يتساءل المواطن هل ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي وزيادة النشاط الاقتصادي أدى إلى ارتفاع مستوى معيشة الطبقة العاملة والمتوسطة أو أضاف إلى جودة الحياة أو قلل مستوى الفقر والبطالة والتوظيف وفرص العمل؟ والأهم هل أثر في إيرادات الحكومة؟

في تقرير لوكالة التصنيف الائتماني (فيتش) تقول بأن رفع القيمة المضافة إلى 10% وبلوغ سعر النفط 60 دولار سوف يحقق فائضًا في الميزانية عام 2023 مما يضع الدين العام في مسار تنازلي، في نفس الوقت يقول إن الحصيلة ستكون 230 مليون تقريبًا، بينما العجز المتوقع في 2022 كان 1.1 مليار دينار. وترى الوكالة أن الاستمرار في خطة التوازن المالي مع زيادة القيمة المضافة مع استمرار ثبات أسعار النفط فوق 60 دولارستعني استمرار الدعم الخليجي وتجاوز الضائقة المالية.  لكن سعر النفط الآن يتراوح حول الثمانين دولار أي زيادة الإيرادات بمقدار 30% تقريبًا. ويتساءل المواطن ما تاثير ذلك على مستوى الدين العام ولماذا نحتاج الى ضريبة القيمة المضافة؟

يبين كذلك معالي الوزير بأن البحرين حافظت على المركز الثالث بين دول الخليج في الاستثمار الأجنبي كنسبة من الناتج الإجمالي. أي أن قدرتنا على جذب الاستثمار الخارجي )التنافسية الخارجية) استمرت على نفس الوتيرة. وبلغ الاستثمار الأجنبي في 2020 حوالي 884 مليون دولار وخلق 4375 فرصة عمل. ويطرح المواطن السؤال كيف ساهم هذا الاستثمار في رفع مستوى المعيشة؟ وما هي الصادرات التي ارتفع مستواها نتيجة هذه الاستثمارات وكيف أثرت على إيرادات الحكومة وعلى الميزان التجاري والحاجة للاقتراض؟

وفي نفس السياق يشير رئيس مجلس التنمية الاقتصادية إلى أن المجلس استطاع استقطاب 64 مشروع وشركة تستمثر 500 مليون دولار وتخلق 3500 فرصة عمل وأن 64% من الاستثمارات المباشرة هي مشاريع وشركات جديدة في البحرين وتشمل جميع القطاعات وترفع معدل الصادرات غير النفطية. ومرة أخرى يتساءل المواطن ما هي مساهمة هذه الاستثمارات في تحسين مستوى معيشة المواطن وفي خلق فرص عمل للبحرينيين بشكل خاص؟ وكيف يؤثر ذلك على الانفاق على التعليم والصحة والضمان الاجتماعي ورفع الحد الأدنى للدخل؟

بعد هذا العرض للتحسن في الأداء الاقتصادي وفي جذب الاستثمار، وفي تحسن اسعار النفط التي اقتربت من 80 دولار في حين أن الميزانية وضعت على أساس 60 دولار؛ وبعد الرؤية المتفائلة والمشجعة التي تطرح كيف يفهم المواطن الحاجة إلى فرض زيادة في الضريبة المضافة إلى 10% وكيف يفهم أصلا الحاجة إلى فرض ضريبة القيمة المضافة من الأساس وليس أنواع أخرى من الضرائب مثل ضريبة الدخل أو ضريبة الثروة أو ضريبة على الشركات؟

 ومرة أخرى يسأل هل استنفذنا جميع الخيارات في الحوكمة وترشيد الانفاق ومراجعة الميزانيات الكبيرة ومدى إمكانية تخفيضها. وهل راجعنا إمكانية زيادة نسبة الميزانية من مجمل الايرادات العامة؟ وتقليل النفقات خارج الميزانية، وفائض الميزانيات السنوية؟

في تصريح سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أكدّ أن “الغاية من التنمية هي الاستقرار وبناء المستقبل وخلق الفرص الواعدة والتنمية لصالح المواطنين”. وأكدّ اهمية “البيئة المفتوحة لنجاح التنمية” وحَمَّل القطاع الخاص والحكومة المسئولية واعتبر أن” تحقيق الاستقرار وخلق فرص عمل للبحرينيين وارتفاع مستوى معيشة المواطن هي المؤشرات لتقييم الأداء”، واعتبر الانفتاح قيمة أساسية في تحقيق الغاية.  لذلك فإن معالي وزير المالية ورئيس مجلس التنمية والحكومة بشكل عام مطالبين بتحقيق ما يعتبره سمو رئيس الوزراء غاية أساسية تعطي معنى للتنمية ولجهود القيادات المختلفة، وتطبيق الانفتاح بالاستماع إلى صوت المواطن والمجتمع، ومطالبين بالاستجابة لمتطلبات المواطن والمجتمع التي تتفق مع سموه بتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وتحسين مستوى المعيشة وتقديم إجابات مدعومة بمعلومات على تساؤلات المواطن.