لا يقتصر تقرير الرقابة المالية والإدارية على كشف مكامن الهدر في المال العام، أو التحذير من المراحل الخطرة التي وصلت إليه مبالغ الدين العام التي بلغت نسبة إلى الناتج المحلي 115%، فيما يؤكد اقتصاديون بأنها تصل دون مبالغة إلى حدود 135%، ليس هذا فحسب ما دأب التقرير على تكراره عاماً بعد آخر، حتى وصل لنسخته الـثامنة عشر هذا العام، الذي حذر من مغبة التهاون في أهمية تعزيز الأمن الغذائي للبلد.
كشف التقرير في نسخته الحالية عن أن البلد تستطيع الصمود لمدة 4 أشهر ونصف في أحسن الأحوال لو طرأ طارئ ما ولم تستطع الدولة استيراد الغذاء من الخارج، موضحاً بأن: “عدم كفاية الطاقة الاستيعابية لصوامع شركة البحرين لمطاحن الدقيق لتلبية احتياجات السوق المحلي من القمح لفترة تكفي 6 أشهر، حيث أن الطاقة الاستيعابية للصوامع لا تتجاوز 51 ألف طن، بما يكفي لتأمين احتياجات السوق لفترة أربعة أشهر ونصف فقط”.
كما وجه التقرير ملاحظة إلى الوزارة بشأن: “عدم اعتماد استراتيجية وطنية للأمن الغذائي بالرغم من مساعي الحكومة لوضع واعتماد استراتيجية شاملة لتوفير مخزون غذائي من السلع الأساسية منذ سنة 2015”. وهو ما يدلل على استشعار الخطر منذ ذلك الحين، ولو تمّ التحرك حينه، لكانت قدرتنا على استيعاب ارتدادات جائحة كورونا أكثر من الآن، وأخف وطأة ربما.
يلفتنا في تقرير آخر أعدّته وزارة الاشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني صادر في يونيو الماضي، أوضحت فيه استراتيجيتها للأمن الغذائي، أن الوزارة جاءت على ذكر معلومات صادمة في ديباجة الاستراتيجية حيث اشارت صراحة إلى أن: “مملكة البحرين تعتمد في تبعيتها الغذائية على الاستيراد، حيث تستورد نحو 90% من احتياجاتها الغذائية من الخارج”.
للوصول إلى مستوى الأمن الغذائي الآمن، نحتاج إلى أن تبذل الدولة جهداً واضحاً وفعالاً وعدم رمي الكرة في ملعب القطاع الخاص من أجل أخذ زمام المبادرة والنهوض بالقطاع الزراعي في البلد، على الدولة أن تدعم تأسيس اتحاد تعاوني زراعي يأخذ على عاتقه مهمة تخصيص الأراضي الزراعية الحكومية إلى المزارعين البحرينيين، وتطوير القطاع بما يتناسب مع مجريات العالم اليوم والتطوّر التكنولوجي، حيث يمكن لهذا القطاع لو أراد له أن يستوعب بصورة مطردة أعداد الباحثين والعاطلين عن العمل في مختلف القطاعات الإدارية والفنية والحرفية وبالطبع التقنية.
لو تحقق ذلك فإنه سيعود بالنتائج الإيجابية على أكثر من صعيد.