16 يوم من الفعّاليات ضد العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي
يحتفل العالم سنويًا في الخامس والعشرين من نوفمبر باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، وهو احتفال عالمي يدعو لإنهاء العنف ضد المرأة بحلول عام 2030، ورفع مستوى الوعي بالعنف الممارس ضد النساء والفتيات، وتسليط الضوء عليه ووضع الاستراتيجيات والآليات للحد من العنف وردعه.
جاء اختيار تاريخ 25 نوفمبر كيوم لمناهضة العنف ضد المرأة على أثر الاغتيال الوحشي للأخوات ميرابال الثلاث عام 1960، وهن ناشطات سياسيات من جمهورية الدومينيكان، وذلك بناء على أوامر من الحاكم الدومينيكي رافاييل ترخيو (1930-1961).
أطلقت الأمم المتحدة في عام 1991 حملة الستة عشر يومًا لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، تبدأ كل عام من 25 نوفمبر وهو اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، وتنتهي في 10 ديسمبر وهو اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وهي حملة عالمية تهدف لمناهضة جميع أشكال العنف الموجه ضد النساء والفتيات حول العالم ومكافحته. وقد تم تخصيص اللون البرتقالي لونًا لهذه الحملة في دلالة إلى مستقبل أكثر إشراقًا، وعالم خالٍ من العنف ضد النساء.
“لون العالم برتقاليًا: فلننهِ العُنف ضد المرأة الآن” – عنوان الموضوع الذي حددته حملة الأمين العام للأمم المتحدة لليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة هذا العام. وبحسب هيئة الأمم المتحدة للمرأة “تتعرض واحدة من كل ثلاث نساء إلى العنف على الأقل مرة في حياتها. وفي وقت الأزمات، هذه النسب تزداد كما أرتنا جائحة كوفيد-19 وغيرها من الأزمات الإنسانية والنزاعات والكوارث الناجمة عن تغير المناخ…إلخ. ووفقًا لتقرير جديد صادر عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة، واستنادًا إلى البيانات التي جمعتها 13 دولة منذ تفشي الجائحة، تقول 2 من كل 3 نساء إنهن إما تعرضن أنفسهن لشكل من أشكال العنف أو يعرفن امرأة تعرضت للعنف، وإنهن أكثر عرضة لمواجهة انعدام الأمن الغذائي علاوة على ذلك، فإن واحدة فقط من كل 10 نساء تذكر أن الضحايا سيذهبن إلى الشرطة طلبًا للمساعدة”.
وفي هذا السياق ” يجب أن نتذكر أنه حتى وإن كان العنف القائم على النوع الاجتماعي منتشرًا فهو ليس حتميًا. يمكننا منعه، بل يتوجب منعه. وكخطوة أولى لإيقاف هذا العنف، يجب تصديق الناجيات، واعتماد نُهج شاملة وكلية تعالج الأسباب الجذرية وراء ذلك، والعمل على تحويل الأعراف الضارة وبالطبع تمكين النساء والفتيات. فبإتاحة الخدمات الأساسية التي تركز على الناجيات عبر مختلف القطاعات الشرطية والعدلية والصحية والاجتماعية، وبإتاحة التمويلات الكافية للإيفاء بأجندة حقوق المرأة، يمكننا إنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي”.
دعت الأمم المتحدة في إعلانها بشأن القضاء على العنف ضد المرأة كل الدول إلى إدانة العنف الممارس ضد المرأة وعدم التذرع بأي عرف أو تقليد أو اعتبارات دينية وبالتنصل من التزامها بالقضاء عليه، والعمل على القضاء عليه بكل الوسائل الممكنة ودون تأخير. ولفتت إلى أن معظم الانتهاكات لا تزال دون عقاب، والعديد من الضحايا لا يبلّغن بما وقع لهن خشية من وصمة العار والفضيحة.
عرّف الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة والذي وقعته الأمم المتحدة عام 1993 بأنه “أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أو يحتمل أن ينجم عنه أذى أو معاناة جسدية أو جنسية أو نفسية للمرأة بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل والإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية سواء وقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة”.
كما عرّف المجلس الأوروبي العنف ضد المرأة في العام 1986 بأنه “عمل أو إهمال يضر بحياة المرأة ويؤذى التكامل الجسدي والنفسي أو الجنسي أو حرية أي شخص أو يؤذى بشكل كبير تطور الفرد بغض النظر إن كان ذكر أو أنثى”.
وعرّفت منظمة الصحة العالمية 2002 العنف الأسري بأنه “كل سلوك يصدر في إطار علاقة حميمة ويسبب أضرارًاً أو آلامًا جسمية أو نفسية أو جنسية لأطراف تلك العلاقة”. ويشمل العنف الأسري: عنف الزوج تجاه زوجته، وعنف الزوجة تجاه زوجها، وعنف الوالدين تجاه الأولاد وعنف الأولاد تجاه الوالدين – خاصة المسنين – ويشمل العنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي أو الاهمال.
أما الاستراتيجية العربية لمناهضة العنف ضد المرأة (2011-2020) فقد عرّفت العنف ضد المرأة بأنه “أي فعل يقع على المرأة وينتج عنه إيذاء جسدي أو جنسي أو نفسي أو أي شكل من أشكال المعاناة مثل التهديد بهذه الأفعال أو الإكراه أو الإجبار عليها أو الحرمان من جميع الحقوق سواء وقعت ضمن إطار العلاقات الأسرية أو الاجتماعية أو المهنية”.
إن العنف والتمييز الموجه ضد النساء من أهم التحديات التي تواجه الجهود الرامية لتحسين واقع المرأة وتمكينها. وعلى الرغم من المعاهدات الدولية التي أنشأت لحماية حقوق المرأة المدنية والاقتصادية والثقافية والسياسية، واعتماد القوانين التي تحظر العنف والتمييز ضد المرأة، وإنشاء محاكم ومؤسسات عامة لضمان الحماية الفعالة والفعلية للمرأة، إلا أن المرأة ما زالت تعاني من هذا الأمر، فالعنف ظاهرة اجتماعية عالمية وفي تزايد في السنوات الأخيرة، وساهم استمرار النزاعات المسلحة والحروب والإرهاب والتطرف، وغياب حماية النساء والفتيات وعدم الاستقرار والأمن، في ارتفاع حالات العنف، حيث تتعرض المرأة للتشريد القسري والاعتقال والاغتصاب والزواج المبكر أو الزواج بالإكراه وانقطاع الرعاية الصحية والتعليم والاتجار بالنساء واستغلالهن. وجاءت جائحة فيروس كورونا المستجد لتزيد من ممارسات العنف ضد النساء والفتيات في ظل ظروف الحجر المنزلي.
وفي معظم الدول العربية تغيب قوانين الحماية من العنف الأسري، عدا بعض الدول ومنها البحرين التي أقرت قوانين خاصة لحماية المرأة من العنف الأسري، فقد صدر قانون الحماية من العنف الأسري البحريني رقم (17) سنة 2015، وعرّف العنف بأنه “كل فعل من أفعال الإيذاء يقع داخل نطاق الأسرة من قبل أحد أفرادها (المعتدي) ضد (المتعدي عليه)”، إلا أن هذا القانون به العديد من الثغرات، حيث أنه لم يشمل التهديد بالإيذاء، وخلا من وجود العقوبة ضد مرتكب العنف الأسري، ولا يجرّم الاغتصاب الزّوجي، وخلا من عقوبة أو تحميل الزَّوج لأيِّ مسؤولية إذا مارس العلاقة الزوجية مع زوجته كرهًا أو غصبًا.
للموروث الاجتماعي والثقافي في مجتمعاتنا العربية دور في عدم الإبلاغ عن حالات العنف الممارس على النساء، لذا تغيب الاحصاءات الدقيقة حول العدد الحقيقي للمعنفات، وللحد من العنف الممارس ضد النساء والفتيات يجب الاهتمام بهذه القضية ودراسة الظاهرة وأسبابها ومعالجتها، والتشديد في تطبيق القوانين المتعلقة بالعنف الأسري ومحاسبة وملاحقة مرتكبيه وتغليظ العقوبة عليهم. كما تبدأ الوقاية من العنف عبر توعية المرأة بحقوقها، ووضع الخطط والاستراتيجيات لتمكين المرأة وتعزيز دورها في المجتمع ومساواتها مع الرجل. وللمناهج الدراسية والإعلام دور مهم في تغيير صورة المرأة النمطية وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن دورها ومكانتها في المجتمع، وتوعية المجتمع بمخاطر العنف وآثاره الاجتماعية والصحية والاقتصادية.