ديسمبرٌ
قمر مرتعش،
ليل طويل،
ريح باردة تنزلق على القبور، حاملة هتافُ الأزقة القديمة (الشعب يريد ُ الحياة)..
كَم من الوقت مضى؟ يسألُ النخلُ الخرافي
يَسأل الطيرُ الحر،
تسأل القريةُ، ويسألُ البحرُ.
كَم من الوقت مضى؟.. وَمالذي حدث؟
هذا الصوت القادم من قلب البساتين، يتداعى، يحتد، يثور..
“لا شيء يَمحو مَا حَدث”
امسك الساحات من أعناقها
اكبح جماح البحر بالخرسانة
أزل الشواهد عن صدرِ القبور
امسح القصائد عن الجدران
انتزع الضوء من أعين المارة
دعهم يلبسون لوناً واحداً
وَيحفظون أغنيةً وَاحدة
قَيد الذكريات، دعها تقف معقودة إلى الجدار
مَزق الصور، وازرع عيناً في وجهِ كل شَارع
لا شيء يَمحو مَا حَدث
لا شيء يسرق رسالة الشهيد من جيببِ الكون
لا شيء يغسل خرائط الدم على حذاءِ الجلاد
لا شيء يكسر الصوت الخارج من غرفةِ التعذيب
لا شيء يدرك الجراحَ اليابسة في رحم ِالمدينة
جراحٌ تنتشر في ذهابٍ وإياب
كقصيدةٍ لم تكتمل،
من داخلِ الزنزانة إلى ضفافِ البلاد القديم
حَتى أشجارِ البديع،
هناك، حتى خاصرةِ المحرق
قصيدةٌ لامعة في قمرِ ديسمبر
عُنوانها: لا شيء يَمحو مَا حَدث.