يعرض على مجلس النواب في الدور الرابع من الفصل التشريعي الخامس اقتراح بقانون بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الصادر بالمرسوم بقانون رقم (24) لسنة 1976، والذي يتمثل بإضافة فصل جديد (فصل سابع) إلى الباب الرابع من القانون المذكور، بعنوان: “الأحكام العامة للـتأمين على ربات البيوت برقم المادة (44) مكرراً، تنص على أنه (يجوز لربّات البيوت تسديد الاشتراكات المقررة بواقع (6%) على أساس فئة الدخل الشهري التي يتم اختيارها، وتسدد الحكومة (9%) من الدخل المختار ويكون فئة الدخل الشهري عند بدء الاشتراك بواقع الحد الأدنى المقرر للمعاش وبحد أقصى قدره 500 دينار).
وعلى الرغم من أهمية هذا المقترح الذي يهدف كما يستفاد من مذكرته الإيضاحية (إلى تحقيق الضمان الاجتماعي لربّات البيوت في حالة الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل….)، وذلك بشمولية ربات المنازل بالتأمين الاجتماعي، وعلى الرغم من تعارضه مع نص المادة الثانية من المرسوم بقانون التأمين الاجتماعي التي حددت الأشخاص الذين يشملهم التأمين وهم العاملين الذين يعملون بموجب عقد عمل لمصلحة صاحب عمل أو أكثر أو لمصلحة منشأة وكذلك العاملين في المؤسسات والهيئات العامة ممن لم يرد بشأنهم نص خاص، وكذلك الموظفين والعمال الذين لا يسري في شأنهم القانون رقم 13 لسنة 1975. وهذا يعني أن قانون التأمين الاجتماعي لا تسري أحكامه على ربات المنازل، وأن الإقتراح بقانون محل التعديل يتعارض مع نص المادة المذكور.
نقول على الرغم من كل ذلك فإن الاقتراح يكشف عن ضرورة الاعتراف بعمل ربات البيوت المنزلي مقابل أجر واحتسابه في الناتج الاقتصادي الوطني، بحيث يتمّ النص عليه في التشريعات الوطنية ذات العلاقة، بما فيها قانون التأمين الاجتماعي، وتطوير الضمان الاجتماعي الذي ينظمه القانون رقم (18) لسنة 2006 ليخرج من مفهوم المساعدات الاجتماعية إلى مفهوم الحق في حماية تأمينية تتحملها الدولة مقابل ما تقوم به ربّات البيوت من عمل منزلي وبتوعية المجتمع بدور وأهمية هذا العمل في رفاهية المجتمع وفي النشاط الاقتصادي.
إن العمل المنزلي الذي تقوم به ربّات البيوت يرهق كاهلهن ويضاعف معاناتهن مع وجود الأطفال والمسنين وما يتطلبونه من رعاية وعناية، إذ تؤكد الدراسات المتعددة ومنها الصادرة عن الأمم المتحدة أن المرأة ربّة المنزل تعمل ساعات عمل منزلية تتجاوز ساعات المرأة العاملة في سوق العمل، وأننحو نصف العمل الذي يؤديه العاملون حول العالم عمل غير مدفوع الأجر، والجانب الأكبر منه تقوم به النساء.
ولا يقتصر هذا الخلل على حرمان المرأة من الفرص الاقتصادية، بل إنه مكلف أيضاً للمجتمع من حيث انخفاض الإنتاجية وضياع فرص النمو الاقتصادي، وبالتالي فإن التوزيع العادل للعمل غير مدفوع الأجر لن يعود بالنفع على المرأة فحسب، لكنه سيؤدي أيضا إلى زيادة كفاءة القوة العاملة وتقوية الاقتصادات. ولهذه الأسباب، فإن الحد من الاختلالات الجندرية هو أحد عناصر (أهداف التنمية المستدامة) التي وضعتها الأمم المتحدة، وأنه لإنصاف المرأة القابعة في المنزل لا بد من الاعتراف بعملها المنزلي مقابل أجر، وأن ينظر لهذا العمل كقيمة اقتصادية.
وتُعرِّف منظمة العمل الدولية العمل غير المأجور بأنه العمل الذي يتمّ تنفيذه للحفاظ على رفاهية الأفراد الآخرين وإعالتهم في الأسرة أو المجتمع، ويشمل الرعاية المباشرة وغير المباشرة.