مؤسسات المجتمع المدني في البحرين .. الواقع والتّحديات

0
108

لقد أدت التعديلات  التي أجريت على بعض القوانين في السنوات الماضية إلى تضييق الخناق على عمل ونشاط مؤسسات المجتمع المدني،  بحيث أصبحت العديد من التشريعات تضع وتشدد العوائق على اشتراك ناشطي المجتمع ومساهمتهم في عمل هذه المؤسسات، وبما يتنافى ويتعارض مع ما ينص عليه الدستور من حرية الانضمام للجمعيات والنقابات وكفالة حرية الرأي والتعبير. 

يتضح ذالك جلياً في:

  1. ما نصت عليه  المادة ( 60 ) من  المرسوم بقانون رقم (50) لسنة 2010، في الفقرة الثانية منها التي نصت على أنه (ولا يجوز أن يكون المرشح لعضوية مجلس إدارة النادي أو الاتحاد الرياضي منتمياً لأي جمعية سياسية أو أهلية)
  2. وكذلك ما نصت عليه المادة الأولي من قانون رقم (36) لسنة 2018، والتي “تتشترَط في عضو مجلس الإدارة أنْ يكون متمتعاً بكافة حقوقه المدنية والسياسية”. مما ادى حرمان جميع أعضاء الجمعيات المنحلة من حق الترشح لمجالس إدارة هذه الجمعيات
  3. بالأضافة الى ما تمنحه القوانين والقرارت والوائح الناظمة لعمل منظمات ونشاط المجتمع المدني من نصوص وأحكام، من سلطة تقديرية كبيرة للمسؤولين التنفيذين في الدولة من التحكم في عمل هذه المنظمات بدون اللجوء للقضاء، هذه الإمكانية التي تمس عمل واستقلالية إدارة هذه المنظمات.

نتج عن هذه التعديلات في القوانين المذكورة تقييد والنيل من حق من يترشح لمجلس إدارات الاندية والاتحادات الرياضية من الانتماء للجمعيات السياسية في الأول، وحرمان جميع أعضاء الجمعيات السياسية المنحلة من الترشح لمجالس إدارات جميع الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني في الثاني، (بإستثناء النقابات) ويأتي كلا التعديلين في القانونين المذكورين بالمخالفة لأحكام الدستور والمواثيق والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مملكة البحرين واصبحت من التشريعات الوطنية. هذا بالإضافة إلى عدة عوامل تساهم جميعها في تحجيم وعرقلة عمل مؤسسات المجتمع المدني مما يحول دون مساهمتها في عملية التنمية المجتمعية التي بدون مشاركة جميع قوى وشرائح المجتمع لن يكتب لها النجاح.

هذا بالإضافة إلى عدة عوامل تساهم جميعها في تحجيم وعرقلة عمل مؤسسات المجتمع المدني مما يحول دون مساهمتها في عملية التنمية المجتمعية التي بدون مشاركة جميع قوى وشرائح المجتمع لن يكتب لها النجاح.

يذكر أن بعض تلك المعوقات مرتبط بالتشريعات كما أوضحنا أعلاه وبعضها بالسياسات والممارسات الرسمية والبعض الآخر معوقات ذاتية، ومن ضمن هذه المعوقات نذكر منها:

  • المعوقات المتعلقة بالسياسات والممارسات الرسميةمنها:
  • انتشار حالة انعدام الثقة والريبة السائدة في أوساط العديد من الجهات الحكومية فيما يتعلق بعلاقات المجتمع المدني بنظيراتها في الدول الأخرى وما يشاع من تمرير أو الارتهان لأجندات أجنبية، وما نتج عنه من مخاوف أدت أو ساهمت في رفع هواجس من إمكانية استغلال البعض لهذه المنظمات في أعمال خارج عمل هذه المنظمات بحيث اتخذت هذه الهواجس كمبررات للتقييد والتضييق على نشاطات هذه المنظمات، وعززت منظور الاشتباه في أي شكل من أشكال النشاط المدني المستقل واعتباره تحدياً مباشراً أو ضمنياً للدولة.
  • محاصرة هذه المؤسسات مالياً، وإعاقة مشاريعها وخططها التي من الممكن أن تساهم في تمويل أنشطتها. وخير مثال على ذلك ما تعاني منه الجمعيات الخيرية. رغم ما تؤمنه وتساهم به من دور كبير في منظومة الحماية الاجتماعية خاصة للمعوزين من المواطنين بحيث تتعطل أنشطتها ويؤثر على حياة هذه الفئة من المواطنين.
  • المعوقات الذاتية لعمل هذه المؤسسسات فمنها:
  • تداخل الرؤى في ما يختص بين نشاطات العمل الأهلي والمدني، وانعكاس ذلك بصورة مباشرة على اختيار قيادات بعض هذه المؤسسات كنتاج ثقافة وميزات المجتمعات التقليدية، من عائلية وعشائرية وقبلية وطائفية، التي تستند إلى روابط القرابة والجوار والمذهب والطائفة التي هي أولى بالثقة،  وهذا ما يتضح بصورة جلية في بعض المؤسسات ذات طابع العمل الخيري والتي يتركز عملها في تقديم بعض الخدمات إلى مناطق وفئات اجتماعية محددة، مما ساهم في الحد من مساهمة العديد من الكفاءات في قياداة هذه المؤسسات، فحرم هذه المؤسسات من قدرات وجهود هذه الكفاءات الوطنية وحصرها في مستوى ضيق، مما أبعدها عن دورها الوطني . 
  • غياب الممارسات الديمقراطية والشفافية وتداول المسؤليات القيادية فيها مع ضعف في دوات الرقابة في بعض الحالات مما ادى الى تململ بين الاعضاء وتآكل قاعدة العضوية فيها .
  • ضعف بناء وتكوين علاقات مع صناع القرار بما يضمن استمرارية التواصل والمحافظة على هذه العلاقات مما ساهم في الحد من قدرة هذه المنظمات على تحقيق أهدافها وحماية مصالح أعضائها وتعطيل دورا ها.

كل ما ذكر أعلاه من عوامل أدت إلى تآكل مؤسسات المجتمع المدني في جميع جوانبه مما ادى الى غياب دورها المجتمعي المأمول لها ان تؤديه وضعف في بنيتها وتوقف أعمال العديد منها مما يستدعي معالجة حصيفة تأخذ في الحسبان المصلحة الوطنية في تفعيل هذه المؤسسات بإزالة تلك المعوقات.