أصبح للإحتفال بالأول من مايو المجيد في البحرين زخم كبير بعد السماح للقوى الوطنية والنقابية بالخروج للشارع بمسيرات سلمية لإحياء هذه المناسبة بحرية، فصارت المسيرات تجوب الشوارع المسموح فيها بالتظاهر. وكان للمنبر التقدمي الأسبقية في تنظيم هذه الاحتفالات بحيث كانت الشعارات والرايات الحمراء وأعلام مملكة البحرين هي المميزة في مسيرة التقدمي على مدار أكثر من عقد من الزمن.
من ضمن هذه الشعارات التي رفعت سابقا في لافتات التقدمي بهذه المناسبة والتي كان لها مغزى فيها من المطالب المحقة لصالح الطبقة العاملة: “الوحدة الوحدة يا عمال، لا لتقسيم الطبقة العاملة بشكل طائفي، بوحدة العمال تتحقق الوحدة الوطنية والنقابية، تفاقم البطالة تعني المزيد من الحرمان وافقار الكادحين، لا لفصل العمال والنقابيين على خلفية مواقفهم الوطنية، لا للتلاعب بأموال المتقاعدين بتفشي الفساد المالي والإداري في التأمينات الاجتماعية”.
هناك شعارات كثيرة أخرى رفعت بهذه المناسبة، وأيضاً كانت الهتافات الوطنية تعلو عبر مكبرات الصوت، وفيها من التحدي والعزيمة فضلاً عن الأناشيد العمالية والأغاني الوطنية للتعبير عن الفرح بهذه المناسبة الأممية، إلا إن مثل هذه المسيرات بهذه المناسبة منعت، لاحقاً، للأسف، فاختصرت الفعاليات في الصالات بما فيها احتفالات المنبر التقدمي.
إن الاحتفالات بهذه المناسبة على مستوى العالم لها دلالات أممية، حيث الارتباط بين الحركة العمالية والنقابية والقوى اليسارية ارتباط وثيق على كل الصعد في طريق النضال المشترك، فمناسبة ألأول من مايو تحفز العمال وسائر الكادحون في العالم على مواصلة النضال من أجل تحسين الظروف المعيشية، ومن أجل تطبيق العدالة الاجتماعية التي يجب أن تشمل سائر الناس خاصة الكادحين، لترفع عنهم كل المعاناة خصوصاً الفقر والجوع، مع تحملهم لأعباء كثيرة، بما فيها الضرائب وغلاء المعيشة الصارخ الذي يأكل مدخراتهم، ناهيك عن الفصل التعسفي وعقود العمل المؤقتة التي فيها من الاستغلال البشع والمزيد من ممارسة الضغوط على الموظفين وحرمانهم من العديد من الحقوق و المزايا.
إننا نرى اليوم أن الكادحين في الوطن العربي هم من يعانون الأمرين في ظل الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تؤرق الشعوب العربية خصوصا الشغيلة اليدوية والفكرية. إن انسياق النظام العربي لخطط ومصالح القوى الراسمالية العالمية والتي تتحكم في مصير الاقتصاد بشكل عام، من أجل الهيمنة على الثروات العربية كالنفط و الغاز، والسير في طريق الخصخصة للقطاع العام من اجل اضعاف القوى العاملة العربية.
هذا الوضع يؤسس لتزايد الفقر المدقع، خصوصا في تلك البلدان التي تعاني فعلا من ويلات الحروب والنزاعات السياسية والطائفية، وحتى نحن في بلادنا البحرين يعاني الكادحون من ارتفاع نسبة البطالة في غياب أية جهود فاعلة للتغلب على هذه الظاهرة الخطيرة، بعدم سن قوانين لحماية العمالة الوطنية، أمام إغراق البلاد بالعمالة الوافدة بشكل يفوق كثيرا اعداد العمالة الوطنية، وهذه سياسة متبعة منذ سنوات لتهميش دور الطبقة العاملة الوطنية وحركتها النقابية.
يعاني الكادحون في البحرين أيضاً من سوء التقدير لخطورة رفع نسبة الضريبة المضافة إلى 10% والتي أصبحت تلتهم رواتب غالبية الأسر الفقيرة والعمال ذوي الدخل المحدود، يحدث ذلك في ظل تفشي الغلاء الذي يزيد من معاناة كل المواطنين، نضيف الى ذلك وقف الزيادة السنوية للمتقاعدين وهي 3 % وهي حق مكتسب لهم، في ظل ضعف أداء مجلس النواب ومحدودية صلاحياته، ويحدث ذلك في ظل تفكك المجتمع المدني في البحرين على شكل طائفي وفئوي والذي أدى الى تأسيس اتحادات نقابية ضعيفة لا تستطيع الدفاع عن مصالح النقابات والعمال والمتقاعدين، نضيف الى ذلك هيمنة الانتهازية على بعض مفاصل الإتحادات النقابية والتي لا تعمل في صالح النقابات ولا العمال ولا المتقاعدين، بل هناك من يستغل التفرغ النقابي من أجل المزيد من الثراء والمكاسب المالية على حساب أسس العمل النقابي الصحيح.