واقعنا في لحظة تأمل مع الذات

0
64

بكل تأكيد، تبقى اسئلة الشارع البحريني بكل شرائحه وتلاوينه السياسية مشروعة، خاصة حين يسخن بالتدريج الحراك الانتخابي استعدادا للانتخابات النيابية والبلدية المقبلة في اكتوبر/ تشرين أول القادم، وبعد اربع سنوت أخرى من العمل البرلماني الذي يقيّمه الشارع البحريني باستمرار أنطلاقا من قناعات تأسست وبُنيت عبر مساحة زمنية تمتد لفترة تزيد قليلا على عقدين من الزمن، وتحديداً بعد المصادقة الشعبية والرسمية على ميثاق العمل الوطني في الرابع عشر من فبراير/شباط 2001.

ليس مستغرباً أبداً أن نألف موجات عارمة تتصاعد كثيراً، بل وتستعر أحيانا كثيرة ولفترات تطول وتقصر، وتعود لتخبو قليلا حتى تعاود الظهور مجددا وبأشكال وردّات فعل مختلفة واحيانا بوجوه وأمزجة وحتى تقليعات مختلفة أيضاً، ليتساءل الناس مشدوهين عن مصدرها ومن اين اتت وكيف هيأ لها، وهي في الحقيقة تفصح بشكل أو بآخر عن حراك مجتمعي تتلاعب في توجيهه قوى ومصالح وتوجهات،  ويتعزز فيه تبعاً لذلك حضور اللاعبين الأقوياء او المؤثرين مجتمعيا،  وبحسب مواقعهم في مراكز النفوذ والقرار على التأثير وحتى الاختراق أحيانا، خاصة في فترات الضعف والتراخي والإنزواء وربما اليأس! 

وأعتقد أن طبيعة الحراك السياسي والإجتماعي والإقتصادي تحديداً بشكل عام هي ذاتها من تفرض مزاجاً  مرشحاً له أن يستمر أو حتى يتلاشى بالتدريج، وإن تفاوتت الأمور من بلدٍ الى آخر، فالشارع لدينا مثله مثل غيره من دولنا العربية وبلداننا النامية التي تبحث فيها الديمقراطية عن من يمكن أن يتقبلها بشكل مخلص وصبور وعاقل كممارسة وفهم ومنهاج لا يخلو أبداً من المثالب والهنّات، وذلك بكل تأكيد ليس حصراً على البحرين كدولة وشعب، حين تتداخل لدينا طموحات وآمال هي في صميمها مشروعة بكل تأكيد، لكن ربما ينقصها فهم الواقع القائم بكل ملابساته وجنوحه ومصالحه ومتاريسه وحتى عدوانيته أحياناً، خاصة حين تتداخل لدينا ومع استمرار التجربة، التي لازلنا للأسف نسميها تجربة، أمور عدّة ليس أولها بطبيعة الحال الشأن الإنتخابي، إلا أن ذلك يبقى شئنا أم أبينا عاملا مؤثرا بكل تأكيد.

 وحين تتداخل الرؤى وتتباعد بل وتتنافر تبعا لتداخل المصالح وتبدّل مراكز القوى والتأثير وحضور مبدأ صراع الأضداد احيانا… لنتساءل مشدوهين كيف لنا أن نفهم هذا الواقع  الملتبس، البائس، المخادع، الغائب والمغيب عن فهمنا الموسوم بالحذر والريبة وربما المتضخم أحياناً بكبرياء وجهل لا نريد الإقرار به! 

 نمتلك حق كل هذا الطموح المشروع في تحسين واقعنا والإرتقاء بهذا الوطن وناسه، من أجلهم ومن أجل أبناءنا وأحفاد أحفادنا،  كيف لنا ذلك ونحن المبتلون بحبه حتى الثمالة.. فعلا أسئلة محيرة!!  أحياناً نجد أنفسنا في موقع بيضة القبان، وأحيانا تجدنا نتوزع حتى دون علمنا يساراً أو يميناً، لكي لا تفلت منا تلك اللحظة التاريخية التي ربما نعتقد أنها لربما فتحت افق الظلمة نحو سفر الخروج نحو المستقبل بأقل التكاليف التي نريدها لوطننا ولشعبنا..


تلك مهمات صعبة على العقلاء أن يتفهموا برويّة مآلاتها فذلك يقيني الذي لن أحيد عنه..

اقول ذلك ونحن نتجه خلال اربعة شهور من الآن نحو سجال انتخابي، ارجو ان يكون صحياً باتجاه تكريس حق دستوري طالما سعينا جميعا نحوه، ونحن نحاول جاهدين أن نغادر سنوات أمن الدولة بظلمها وظلاميتها، وحتى يكون لشعبنا ولوطننا موقعا تحت الشمس، كما يقال، بإعتبارنا شعب ذا تاريخ وحضارة يحسدنا عليها الكثيرون.   علينا ان نستمر في مشوار المليون خطوة بإتجاه الوطن والناس الذين ينتظرون منا الكثير وستُحملنا اجيالهم اللاحقة مسؤولية تاريخية، أرجو أن لا نساهم في الانتقاص منها، فدوافعنا مهما كانت سياسية او وطنية أو فكرية أو أيديولوجية أو نفعية أو حتى انتهازية ستكشفها الأيام وحتما ستنتصر الحقيقة يوماً فذلك ما تعلمناه من التاريخ.

باعتقادي إن تمسكنا بتلك الروح  الإيجابية التي لا تقبل السقوط او التراجع،  كفيل بأن يقودنا يوماً، شعباً ووطناً، بل وأمة نحو المستقبل الذي حتما لن يخلو هو الآخر من التحديات فتلك هي طبيعة الأمور وتلك هي سيرورة الحياة.

بتلك الروح يجب أن نفكر وبتلك العقيدة يجب أن نستمر بناة حضارة وقيم لا تقبل السقوط مهما تداعت من حولنا المحبطات..وبهكذا روح ومبادىء وإيمان حقيقي يجب أن نشغل مساحات عقولنا الوجلة القلقة، والتي لا يجب أبداً أن يشغلها الإنهزام والعدمية على الدوام..وحتى لا نسهم دون أن ندري في تكريس المزيد من السقوط والتراجع.