هذه الورقة هي خلاصة للوثيقة المعنونة بـ “الميثاق العالمي للحق في المدينة” ، وجدير بالإشارة هنا إلى أن مصطلح الحق في المدينة هو مصطلح قانوني حديث نسبياً، ويرجع الفضل في إدخاله للقاموس الحقوقي والسياسي إلى المفكّر والفيلسوف الفرنسي أنري لوفيفر، والذي نادى به إبّان الحراك الشعبي والمدني الذي عمّ المدن الفرنسية أوائل الستينيات من القرن الماضي.
ويعدّ الميثاق أحد الوسائل الرئيسية لمفهوم الحق في المدينة وللمطالبة به، وعلى مدار السنوات الماضية شهد المفهوم تطوراً كبيرا من خلال المشاروات والمنتديات التي خصصت حول العالم لأجله. وقد جاء مفهوم الحق في المدينة معززاً ومكملاً لجميع المواثيق الاممية من الاعلان العالمي لحقوق الانسان و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وبذلك فأن “الحق فى المدينة” هو مفهوم يتخطى الأفكار التقليدية بشأن تحسين نوعية حياة الناس من خلال التركيز على المساكن والأحياء، حيث يستهدف الإرتقاء بنوعية الحياة على مستوى المدينة ومحيطها الريفى، مع توفير السبل لحماية السكان الذين يقيمون فى مدن أو أقاليم تتميز بتسارع معدلات التحول العمرانى، وذلك على نحو يقدم أساليب جديدة لدعم واحترام الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الواردة فى وثائق حقوق الانسان الدولية والإقليمية.
إن نماذج التنمية التى تم تطبيقها فى أغلب الدول الفقيرة للأسف الشديد أدت إلى تمركز الدخل والقوة وتوليد الفقر والاستبعاد لبعض فئات المجتمع، على نحو يؤدى إلى تدهور البيئة ويزيد من عمليات الهجرة واللجوء إلى المدن، كما يفاقم من مشاكل العزل الاجتماعي و خصخصة الموارد المشتركة ومساحات الأراضي العامة. كل تلك العمليات تؤدى إلى خلق مساحات عمرانية واسعة تتميز بالفقر وسوء الأحوال المعيشية، كما تزيد من مخاطر التعرض للكوارث الطبيعية.
إن المدن التى نراها فى عالم اليوم هى أبعد ما تكون عن تقديم الظروف والفرص العادلة لسكانها. فمعظم سكان المدن هم محرومون بدرجة أو بأخرى – حسب خلفياتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعرقية وحسب إنتمائاتهم الاجتماعية و فئاتهم العمرية – من الوفاء بحاجاتهم وحقوقهم الأساسية. ويرجع السبب الرئيسي في ذلك ، إلى تجاهل السياسات العامة لقدرات السكان على الإسهام الإيجابى فى بناء المدينة وممارسة حقوق المواطنة، وهو الأمر الذى يفاقم من تدهور الأوضاع المعيشية فى المدينة. وينتج عن تلك الاوضاع مشاكل متنوعة تشمل حالات الطرد الجماعى من السكن والعزل بين فئات السكان، مما يؤدى إلى الإضرار بفرص التعايش الاجتماعى، وتزداد الحاجة إلى تغيير تلك الأوضاع، وهو ما دعا المنظمات والحركات الحضرية، منذ انعقاد “المنتدى الاجتماعى العالمى” الأول فى 2001، إلى العمل سويا وفتح باب النقاش حول تلك المسائل. وأخذت تلك المنظمات على عاتقها مهمة بناء نموذج مستدام للمجتمع والحياة الحضرية يستند إلى مبادىء التضامن والحرية والعدالة والمساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية ويقوم على احترام مختلف الثقافات الحضرية وعلى تحقيق التوازن بين المدينة والريف. ومنذ ذلك الحين، بدأت مجموعة متماسكة من الحركات الاجتماعية والمنظمات غير الحكومية والإتحادات المهنية والمنتديات والشبكات القومية والدولية للمجتمعات المدنية، المؤمنة بالنضال الاجتماعى من أجل مدن أكثر عدالة وديمقراطية وأكثر إنسانية واستدامة، فى العمل من أجل وضع “ميثاق دولى للحق فى المدينة” بهدف تجميع الالتزامات والإجراءات التى يجب أن يقوم بها المجتمع المدنى و الدول والحكومات وإدارات الحكم المحلية وأعضاء البرلمان والمنظمات الدولية من أجل تمكين كل البشر من الحياة بكرامة فى مدنهم.
يتألف (الميثاق العالمي للحق في المدينة) من مقدمة و أربعة أجزاء رئيسية وهي على النحو التالي:
الجزء الأول من الميثاق ويشمل : الأحكام العامة و يتكون هذا الجزء من مادتين تتفرع منهما عدة فقرات ، المادة الاولي من الميثاق تعرّف “الحق في المدينة” وبينما تشمل المادة الثانية على ” المبادىْ والأسس الإستراتيجية في المدينة” و تندرج تحت هذه المادة المبادىْ التالية:
- الممارسة الكاملة للمواطنة والإدارة الديمقراطية للمدينة.
- الوظيفة الاجتماعية للمدينة والملكية في الحضر (الملكية الحضرية – بحسب ترجمات أخرى للميثاق) .
- المساواة وعدم التمييز .
- الحماية الخاصة للمجموعات والأشخاص المستضعفين (للجماعات والأفراد المعرضون للمخاطر- بحسب ترجمات أخرى للميثاق).
- التعهد الاجتماعى للقطاع الخاص.
- تعزيز السياسات المتعلقة بالاقتصاد التضامنى و الضرائب التصاعدية .
الجزء الثاني من الميثاق ويشمل: الحقوق المرتبطة بممارسة المواطنة والمشاركة فى عمليات تخطيط وإنتاج وإدارة المدينة. ويشمل هذا الجزء من الميثاق المواد من 3 إلى المادة 11 ونوجزها لكم على النحو التالي:
- “تخطيط وإدارة المدينة” .
- المادة رقم 4 تنص على “الإنتاج الاجتماعي للموئل”.
- المادة رقم 5 تنص على “تنمية حضرية مستدامة ومنصفة”.
- المادة رقم 6 تنص على “الحق في المعلومات العامة”.
- المادة رقم 7 تنص على “الحق في الحرية والسلامة”.
- المادة رقم 8 تنص على “الحق في المشاركة السياسية”.
- المادة رقم 9 تنص على ” الحق في التنظيم والتجمّع والتظاهر والإستخدام الديمقراطي للفضاء العام الحضري”.
- المادة رقم 10 من تنص على “الحق في العدالة”.
- المادة رقم 11 تنص على “الحق في الأمن والسلم العام والدعم والتعايش بين الثقافات المتعددة”.
الجزء الثالث من الميثاق ويشمل: حقوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية للمدينة. ويشمل هذا الجزء من الميثاق المواد من 12 إلى المادة 16 ونوجز لكم على النحو التالي:
- المادة رقم 12 تنص على ” الحق في المياه وتوفير الخدمات العامة للمناطق المحلية والحضرية”.
- المادة رقم 13 تنص على ” الحق في المواصلات العامة والتنقّل في الحضر”.
- المادة رقم 14 تنص على ” الحق في السكن”.
- المادة رقم 15 تنص على ” الحق في العمل”.
- المادة رقم 16 تنص على “الحق في بيئة صحية ومستدامة”.
الجزء الرابع من الميثاق : ويتضمن الأحكام الختامية، ويشمل هذا الجزء المواد من 17 إلى المادة 21 ونوجزها لكم على النحو التالي:
- المادة 17. الالتزامات والمسؤوليات الواقعة على عاتق الدولة من أجل تعزيز وحماية وتنفيذ “الحق فى المدينة”.
- المادة 18. إجراءات تطبيق والرقابة على “الحق فى المدينة”.
- المادة 19. انتهاكات “الحق فى المدينة”.
- المادة 20. المطالبة “بالحق فى المدينة” .
المادة 21. الالتزامات المتعلقة بميثاق بالحق فى المدينة .
1. تلتزم الشبكات والمنظمات الاجتماعية بما يلى:
(أ) نشر وتوزيع هذا “الميثاق” على اوسع نطاق وتشجيع توزيعه على نطاق دولى من أجل ترويج “الحق فى المدينة”.
(ب) إقامة المنتديات التى يمكن من خلالها المطالبة “بالحق فى المدينة” وتسجيل ونشر وتوزيع الخبرات الوطنية والمحلية المرتبطة بدعم هذا الحق.
(ت) تقديم “الميثاق العالمى للحق فى المدينة” إلى الهيئات المختلفة ومنظمات الأمم المتحدة والهيئات الإقليمية من اجل البدء فى عملية تستهدف الاعتراف “بالحق فى المدينة” كحق إنسانى.
2. تلتزم الحكومات الوطنية والمحلية بما يلي:
(أ) تطوير ودعم الأطر المؤسسية التى تخدم “الحق فى المدينة” والقيام على وجه السرعة بوضع خطط العمل المرتبطة بنموذج للتنمية المستدامة صالح للتنفيذ فى المدن بما يتفق والمبادىء المذكورة فى هذا “الميثاق”.
(ب) بناء الأطر الحركية، من خلال المشاركة الواسعة للمجتمع المدنى، لدعم التنمية المستدامة فى المدن.
(ت) الدعوة لإقرار وتطبيق اتفاقيات حقوق الإنسان وغيرها من الوثائق الدولية والإقليمية التى تساهم فى اقرار “الحق فى المدينة”.
3. يلتزم أعضاء البرلمان بما يلى:
(أ) تشجيع استشارة المواطنين والقيام بأنشطة لترويج السياسات التى تقود إلى دعم “الحق فى المدينة” وزيادة الاعتراف بهذا والدعوة إليه من قبل منظمات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية ومن قبل الحكومات الوطنية والمحلية.
(ب) رسم واصدار قوانين تؤكد على “الحق فى المدينة” إعمالا للمبادىء المنصوص عليها فى هذا “الميثاق” و وثائق حقوق الإنسان العالمية.
(ت) تطوير الأطر القانونية الوطنية والمحلية بشكل يتوافق مع الالتزامات الدولية من جانب الدول بشأن قضايا حقوق الإنسان، مع التركيز على تلك المبادىء المنصوص عليها فى هذا “الميثاق”.
4. تلتزم الهيئات الدولية بما يلى:
(أ) التعهد ببذل كل الجهود الممكنة من اجل اقناع وتحفيز ودعم الحكومات فى الأمور المتصلة بإقامة الحملات والندوات والمؤتمرات وتوفير المطبوعات التفصيلية التى تدعم تنفيذ الحكومة للإلتزامات التى يتضمنها هذا “الميثاق”.
(ب) مراقبة ودعم تطبيق اتفاقيات حقوق الإنسان وغيرها من المواثيق الدولية والاقليمية التى تساهم فى دعم “الحق فى المدينة”.
(ت) إتاحة الفرصة لمشاركة الهيئات الاستشارية والتنفيذية التابعة للأمم المتحدة فى تفعيل النقاش حول هذه المبادرة.
*قدّم هذا العرض في المنتدى الفكري السنوي الثامن للمنبر التقدمي حول: “المدينة الخليجية .. تحوّلات وآفاق” – 20 مايو 2022