مجلس النواب ليس مختبراً للتجارب

0
267

بدأت حملة سباق الترشح لانتخابات مجلس النواب المقبل المزمع إجراءها في نوفمبر القادم قبل خمسة أشهر عن الموعد، ونتساءل هل الشخصيات التي تعلن عن عزمها الترشح لمجلس النواب سواء من خلال الصحافة المحلية أو وسائل التواصل  الاجتماعي،  على إطلاع ودراية بدور مجلس النواب، بأن مهمته الرقابة والتشريع ومحاسبة السلطة التنفيذية على أدائها، وتقديم الوزراء أو المسؤولين المقصرين للمساءلة القانونية، وهناك لائحة داخلية تنظم عمل أعضاء مجلس النواب ولجانه المتعددة وغيرها من القضايا التي تُعنى بشؤون المجلس؟

 ربما يقول قائل هناك دورات للمرشحين تنظم قبل الانتخابات من جهات عدة في الدولة ومن خلالها يتعرفون “على  دور مجلس النواب في الرقابة والتشريع”،  لهذا لا يحتاجون إلى بذل جهد كبير في المعرفة والتجربة، وقبل أن ندخل بشكل أعمق في الموضوع، نقول من حق أي مواطن إذا توفرت فيه الشروط الدستورية بأن يرشح نفسه لمجلس النواب، فالحديث هنا عن انتخاب أعضاء مجلس نواب مغاير يمثل بحق الشعب وليس الحكومة يحتاج لكفاءات سياسية، فهل هذا العدد الكبير من المرشحين لديهم الوعي السياسي ويدركون ماهو دور النائب؟

منذ الانتخابات الأولى والقوى السياسية في البحرين تناضل من من أجل إدخال صلاحيات في المجلس وتعديل الدوائر الانتخابية، ومن بين تلك القوى السياسية المنبر التقدمي حيث نظّمت الندوات والحلقات والورش السياسية بهذا الشأن وقدمت فيها جهود فكرية وقانونية نوعية لتطوير التجربة البرلمانية ، فمجلس النواب ليس للترف الاجتماعي أو وظيفة لمن ليس له وظيفة أو مصدر رزق أو للوجاهة الاجتماعية أو البرستيج أو لتحقيق مصالح شخصية وفئوية، مجلس يجب أن يمثل الشعب بحق.

 المرشح الذي نحن بصدده هل لديه تجربة سياسية أو ناشط في منظمات المجتمع المدني ولديه الخبرة المهنية  والمعرفة النقابية ويمتلك القدرة والكفاءة الإدارية لتساعده في حالة الفوز، ويستفاد منه أكثر إذا كان من فئة التكنوقراط في لجان المجلس المتعددة، المجلس في حاجة إلى سياسيين لديهم برامج شاملة وتقف من خلفهم الجمعيات السياسية (الأحزاب السياسية) تراقب أداءهم وتحاسبهم في حالة التقصير أو عدم القيام بدورهم الرقابي والتشريعي في داخل المجلس، والتجربة السابقة لأعضاء مجلس النواب تؤكد بأن المستقلين لا يستطيعون مواجهة السلطة التنفيذية، والأكثر من هذا يميلون لمسايرتها وتمرير مشاريع القوانين مثلما حدث لأكثر من قانون، وآخرها قانون التقاعد.

المجلس يحتاج إلى الشخصيات السياسية التي تغير من واقع مجلس النواب الحالي من “مجلس مسلوب الإرادة” إلى “مجلس صاحب إرادة”، تتواجد فيه الكتل النيابية والسياسية والشخصيات الوطنية والمهنية القادرة على التغيير والإصلاح، تتفاعل وتدافع عن المواطنين وتكون بالفعل صوتهم   المجلل في البرلمان، فهل يرفع العزل السياسي عن فئات واسعة من الشعب ويكون لهم حق الترشح والمشاركة في الانتخابات القادمة، أما يسير القطار سريعاً دون التوقف في هذه المحطة، فما نأمله هو أن تفعّل الحياة السياسية في البلاد من جديد دون إقصاء لأي قوى سياسية طالما هي ملتزمة بقوانين ودستور البلاد، وأن تستمر عملية الإفراج عن المعتقلين والسجناء السياسيين والإستفادة من قانون العقوبات البديلة في إطلاق سراح المزيد منهم وتوفير حياة كريمة لهم بعد معاناة السجن .

ثنائية المشاركة والمقاطعة  تعود من جديد في الأجواء الانتخابية التي سوف تجري خلال الأشهر القادمة، تبرز المواقف والآراء حولها، ومع المهم التأكيد على حرية الرأي والتعبير عن الآراء وأنه يحق للإنسان أن يعبر عن آرائه ومواقفه  ولكن على أسس من الاحترام وعدم تسقيط وتخوين أي رأي مخالف سواء كان مع المشاركة أو المقاطعة، ويجب عدم ترهيب الناس وممارسة الضغوطات النفسية والفكرية والشرعية عليهم، تحت أي مسميات كانت، لإجبارهم المثول لهذا الرأي أو ذاك من أي طرف كان، فتكفي المعاناة من الأوضاع المعيشية والمالية والصحية التي تعاني منها فئات واسعة من الشعب، على النخب الواعية والمثقفة بمافيهم السياسية الحزبية البحث عن الحلول والمخارج التي تساعد لوقف الانحدار نحو تردي الأوضاع واتساع رقعة الفقر في المجتمع، كلما تزداد نسب التضخم في البلاد ترتفع الأسعار ويتحمل المواطنون التكاليف، بسبب السياسات الاقتصادية الفاشلة التي تنفّذ وفقاً لنصائح صندوق النقد الدولي والبنك الدولي .

 لكي نغير هذا الواقع الذي نعاني منه منذ سنوات، نقول إن مجلس النواب جزء من التغيير والإصلاح عندما يمتلك الإرادة والصلاحيات، يستطيع القيام بذلك الفعل وإذا كان أعضاؤه ضعفاء ومسلوبي الإرادة سوف يكون أداؤه ضعيفاً، ولكن بوجود الكتل النيابية الفعالة ومعهم الشخصيات القوية سوف تتغيير المعادلة واللعبة السياسية.

على المواطنين إيصال الكفاءات الوطنية لإحداث التغيير المنشود لكي لا يراوح المجلس في مكانه أربع سنوات أخرى، سمعة المجلس لدى الناس بأنه مسلوب الإرادة، الدولة لا تريد مجلساً قويّاً وفعالاً تتواجد فيه المعارضة وتقوم بواجبها الوطني وتتصدى للقضايا الشائكة في المجلس، وجود قلة من وجوه المعارضة في داخل المجلس  يصعب عليهم من ممارسة دورهم الرقابي والتشريعي وتتركز عليهم الضغوطات والمطالب الشعبية، بالرغم من الدور الإيجابي الذي يقومون به، وهذا ما فعلته “كتلة تقدّم” المؤسسة من قبل المنبر التقدمي في المجلس المنتهية دورة انعقاده 2018/2022، وعلى المواطنين إيصال أعضاء معارضة أكثر إلى مجلس النواب من عدد أعضاء الكتلة الحاليين، فهل يتغير الوضع الحالي ونشهد الغاءاً للعزل السياسي، وبالتالي نسبة مشاركة أوسع من المواطنين؟.