أمسية جميلة تلك التي نظمتها جمعية فتاة الريف احتفاءً بالذكرى الخمسين لتأسيس الجمعية (1972 – 2022)، مساء يوم الثلاثاء، 26 يوليو الماضي. أُمسية جمعت عضوات الجمعية من جيل المؤسسات والعضوات الجديدات، وشارك في الحفل الاتحاد النسائي والجمعيات النسائية وجهات رسمية وأهلية وأفراد داعمون لنشاطات الجمعية.
بدأ الحفل بكلمة ترحيب من عريف الحفل عُلا فلاح هاشم بالعضوات والضيوف، تلتها كلمة رئيسة الجمعية السيدة حياة الموسوي رحبت فيها بالحضور: “في هذا المساء البهيج والأجواء التراثية، ووسط كوكبة من النساء الرائدات الفاعلات والرواد الفاعلين في العمل الأهلي والاجتماعي”.
لتأسيس جمعية فتاة الريف عام 1972 حكاية؛ مجموعة من نساء منطقة جدحفص والسنابس والديه والقرى المجاورة، الحجر والشاخورة، حلمن وحملن شعلة التغيير، تغيير واقع المرأة في الريف، وهذا التغيير لن يتأتى إلا من خلال جمعية نسائية تؤطر نشاطهن للدفاع عن قضايا المرأة وحقوقها ورفع مستوى الوعي وسط المجتمع والتعريف بأهمية التعليم، والحديث عن فترة مطلع السبعينيات من القرن الماضي حيثُ تُهيمن النظرة النمطية للمرأة، أي أن المرأة مكانها المنزل، فضلاً عن الفقر السائد في ذلك الوقت.
تصف السيدة حياة الموسوي ظروف تلك المرحلة بالقول: “يومها كان طريق الجمعية محفوفاً بالمخاطر، اصطدمنا فيه بعراقيل كثيرة، فالقوى المحافظة والعادات والتقاليد والأدوار النمطية الموروثة للمرأة وقفت حجر عثرة في طريقنا للحصول على الإشهار، لكننا كسبنا الرهان بعد ثلاثين عاما من الانتظار”.
أتذكر عام 1974 بعد رجوع المرحوم جواد العكري من سوريا، وكان وقتها سكرتيراً لمجلس إدارة نادي الديه، الذي كان من المؤسسات الداعمة للجمعية، تمّ فتح مرافق النادي لنشاطاتها، وهذا ما أكدّت عليه السيدة حياة الموسوي في كلمتها باتخاذ نادي الديه مقراً مؤقتاً لتنفيذ مشروع الخياطة والتفصيل، والتفاتة جميلة من إدارة الجمعية بتكريم نادي الديه من خلال تكريم مركز شباب الديه.
في حديثٍ على هامش الحفل مع السيدة حياة، تتذكر بداية التأسيس ومع غياب المقر قائلة: “كانت اللقاءات تُعقد في البيوت عصر كل يوم الخميس، حيث كان بيت اختي نجاة أحد البيوت التي كنا نلتقي فيها”، وتتذكر العضوات المؤسسات، رحم الله من رحلن منهن وخلّد ذكراهن الطيبة وما قدمنه للجمعية، وسبق لي ان كتبتُ مقالاً في ذكرى التأسيس وحديث مع السيدة نجاة الموسوي، وهي الأخرى عضو مؤسس للجمعية وأول رئيسة لها، وقتها تحدثت عن الدعم الذي حصلت عليه الجمعية عند التأسيس من جمعية أوال النسائية وجمعية نهضة فتاة البحرين.
رجوعاً للحفل الذي تميّز بالأجواء الحميمية وحضور للعنصر النسائي الشبابي وهذا مُفرح ويدعو للتفاؤل باستمرار مسيرة الجمعية. وتضمّن برنامج الحفل عدة فقرات، وهنا أتوقف مع كلمة راعية الحفل الأستاذة المربية الفاضلة زهرة مصطفى، السيدة القادمة من لبنان عام 1957، بلد الأرز، من إقليم الخروب في الشوف، وألقت الكلمة بالنيابة عنها ابنتها السيدة غادة المرزوق، حيث تقول الأستاذة زهرة مصطفى في مطلع كلمتها: “عندما طُلب مني أن أتحدث عن جمعية فتاة الريف، وجدتُ من الصعوبة أن أفصل بين بدء تعليم الفتاة والذي تزامن مع تدشين مدرسة جدحفص للبنات في العام 1958 والحديث عن تاريخ تأسيس هذه الجمعية، والذي جاء لضرورة حتمية لإكمال عملية تطوير المرأة في المنطقة حيثُ أُسست في العام 1972”.
وتُضيف السيدة زهرة: “كنتُ من أوائل المباركات والداعمات لإنشاء الجمعية، وعندما أخبرتني السيدة نجاة عن رغبة مجموعة من الطالبات بذلك، لم نتردد كإدارة المدرسة في تقديم الدعم الممكن لإنجاح أنشطة وفعاليات الجمعية ومنها مشروع محو الأمية لنساء المنطقة”.
عندما تمّ تكريم السيدة زهرة ألقت كلمة ارتجالية. كانت تتكلم بحماسة. حيّت جمعية فتاة الريف. تكلمت عن أهمية تعليم المرأة وعملها، ولسان حالها يقول ما قاله أمير الشعراء أحمد شوقي: “الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعباً طيب الأعراق”.
على يد السيدة زهرة مصطفى مديرة مدرسة جدحفص للبنات التي تم افتتاحها عام 1958، تربت أجيال من بنات المنطقة، وللتعريف بها مفيد الاطلاع على كتاب ” قدر .. وسيرة كفاح” الذي ألفته ابنتها المهندسة غادة المرزوق.
كان الحفل جميلاً، حيث تضمّن برنامجه أيضاً عرضاً لفيلم عن الجمعية وأنشطتها ومقابلات مع عضوات الجمعية وذكرياتهن مع التأسيس، أما ختام الحفل فكان تكريم العضوات المؤسسات لهذه الجمعية العريقة والجهات الرسمية والأهلية الداعمة والأفراد المساندين للجمعية.
شكراً لإدارة الجمعية على الدعوة الكريمة لحضور الحفل وشكراً للتكريم وهذا يُسعدني كثيراً، فجمعية فتاة الريف تستحق منا الدعم، وكل الأماني لها بالمزيد من التقدم، بالرغم من وعورة الدرب.