بولطيفة أيقونة النضال والمنفى

0
24

الموت يباغتنا والموت حق ولكن فقد الأحبة أمر مؤلم ومفجع للخسارة التي يشك لها مناضل وطني وأممي بوزن الدكتور يعقوب يوسف الجناحي. ولد بولطيفة في المحرق أوائل أربعينيات القرن الماضي ودرس في مدارس المنامة. انخرط في الحياة العملية في ريعان شبابه كونه الأخ الأكبر لقلة الموارد التي تعين عائلته على العيش الكريم. 

 تأثر مبكرًا في نهاية الخمسينيات بأفكار القائد النقابي علي مدان والذي كان يعمل لدى شركة “أكمي” للإنشاءات ثم التحق لاحقًا بشركة نفط البحرين بابكو.. ولم يستمر طويلًا في بابكو حيث الأيادي الاستعمارية غيبته في السجون ثم تمّ إسقاط جنسيته ونفيه إلى خارج الوطن.  استطاع المناضل يعقوب جناحي الوصول إلى قطر وحصل على شهادة الثانوية العامة ليلتحق عام 1963 بجامعة الصداقة بين الشعوب بموسكو ليتخرج بعد حوالي عقد من الزمن ويحصل على شهادة الدكتوراه في القانون الدولي من الاتحاد السوفيتي.  

واقترن في تلك الفترة برفيقة عمره السيدة ثريا فريدون لتنجب لطيفة التي أصبحت دكتورة لاحقًا والمهندس محمد.  خاض أبولطيفة غمار النشاط الوطني بكافة درجاته الطلابية والشبابية والسياسية والحقوقية مشاركًا في تأسيس رابطة طلبة البحرين في موسكو، وشارك في معظم مهرجانات الشباب والطلبة حاملًا مشعل الوعي التقدمي سفيرًا لشعب البحرين مطالبًا باستقلال البحرين من الهيمنة البريطانية وشركاتها الاحتكارية..

عُرف في الأنشطة التضامنية بين شعوب العالم ومنظمة التضامن الأفروآسيوي كمناضل أممي جسور تحت اسمه الحركي (عزيز محمود) وكذلك لاحقًا في منظمات حقوق الإنسان الرصينة قبل الإنهيار الكبير للمنظومة الاشتراكية ومنظماتها المتعددة قبل اختراقها وتحريف بعضها أو جلها.. 

عاش أبولطيفة لغربة دامت طويلًا متنقلًا بين مدن التيه العربية: بغداد في البداية ثم بيروت ثم عدن عروسة الجنوب بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ثم قافلًا إلى بيروت ليلقي بمرساة الغربة القاسية في دمشق مختتمًا مسيرة المنافي العربية مكابدًا مشقات الحياة الصعبة المتعددة.  أبحر في سفينة النضال الوطني بمن عليها صوب الشتات الأوروبي/الأمريكي سادرًا لولا المشروع الإصلاحي لجلالة الملك والذي احتضن كافة أبنائه من الشتات.. وعاد إلى وطنه ليعمل مستشارًا قانونيًا في دائرة الإفتاء والتشريع القانوني قبل أن يتقاعد.. وبعد العودة نشط في مؤسسات المجتمع المدني مشاركًا أقرانه بأفكاره تحقيق الازدهار الاقتصادي وأمنيات التطور والتقدم الاجتماعي بعيدًا عن الطأفنة والطائفية وشارك بكتاباته في هذا الجهد الوطني.