المعارضة البحرينية .. جدلية المقاطعة والمشاركة

0
29

تعود من جديد جدلية المقاطعة والمشاركة في العملية الانتخابية عند أطراف المعارضة البحرينية بعد صدور بيانات حول الموقف من الانتخابات البلدية والنيابية القادمة.

في بداية الألفية الجديدة وبالتحديد في عام 2002 تمّ إجراء أول انتخابات بلديّة ونيابيّة بعد حل البرلمان سنة 1975 وتجميد العمل بالدستور، انقسمت المعارضة حينها بين أغلبية مقاطعة وأقلية مشاركة. المثير للدهشة أن الجمعيات والقوى السياسية التي عارضت بشدة مشاركة جمعية المنبر التقدميّ في العملية الانتخابيّة، هي ذاتها ستعلن المشاركة في انتخابات 2006 وستبرر موقفها بتغير الظروف السياسيّة، وتسجيل موقف تاريخي اتجاه السلطات المحليّة والمجتمع الدولي، ولا شك أن قانون الجمعيات السياسية الذي طُرح في 2005 مثل حدثاً هاماً سيؤدي إلى انقسام كبير داخل أكبر الجمعيات السياسية المعارضة، بين فئة موافقة وأخرى رافضة للرضوخ لبنودهِ،

وشهدت الساحة السياسية للمعارضة البحرينية في الأشهر القليلة الماضية، سجالًا واسعًا على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي، يتمحور حول خطابها وأساليبها وتعاطيها كمعارضة مع الأزمة السياسية خلال العقد المنصرم، وهناك مواقف وبيانات تنتقد الحكومة والمعارضة معاً، بما في ذلك انتقاد المعارضة ككل، من دون استثناء أحد، ووصف موقفها بالمتفرج مما يحصل على الأرض.

في الواقع ليس التباين والتباعد بين أطراف المعارضة وليد هذه الأيام أو منذ 2011 وما بعدها، بل يعود إلى 2002 و 2006 في ثنائية المقاطعة والمشاركة، وما نتج عنهما من تباينات حادة بين فصائل المعارضة آنذاك. ومن المعروف أن ذروة الاختلافات حصلت في السنوات الثلاث التي سبقت الأحداث السياسية في فبراير 2011 .

لذلك لا نعتقد أن الطلب من فصائل المعارضة اليوم بالتوافق على موقف ورؤية سياسية واحدة ستنجح وتتحقق على أرض الواقع. بل على العكس قد تتسع مساحة الاختلافات والتباينات بدلاً من تجسيرها. وإذا كانت بعض أطراف المعارضة الراديكالية لا تزال متمسكة بمواقفها المتشددة، فإن البعض الآخر من الجمعيات الرسمية المنحلة بقرار وزارة العدل، تتبنى مواقف لا تقل تشدداً.

إن المعارضة البحرينية اليوم تدفع فاتورة طبيعة علاقاتها المتنافرة وقراراتها المتشددة والمثالية طوال العقد الأخير من الألفية الجديدة. من شعار الجمهورية إلى شعار الحكومة المنتخبة ورئيس الوزراء المنتخب، الأمر سيا؛ فما نحتاجه على مستوى المعارضة البحرينية قراءة الواقع السياسي الراهن بعقلانية ومرونة أكبر تستوعب بها كل التفاصيل والتعقيدات على المستوين الداخلي والخارجي. نعم الحل ليس بيدها كمعارضة، ولكن عليها بالضرورة الدفع قدر الإمكان نحو أفق مفتوح للحل السياسي يريح العباد والبلاد.

قرار المشاركة أو المقاطعة عند قوى المعارضة، يجب أن يخضع لتشخيص دقيق لظروف المرحلة السياسية القائمة، وألا يتم اختزال صحتهِ أو خطأه من أي طرف سياسي معارض، هذا ما أثبتت صحته التجربة السياسية خلال العقدين المنصرمين.