إبراهيم ديتو الراحل الباقي

0
69

مساء الجمعة السادس عشر من سبتمبر 2022 رحل عن دنيانا الرفيق إبراهيم جمعة ديتو عن عمر ناهز 87 عاماً، وهو واحد من الرعيل الأول لمؤسسي جبهة التحرير الوطني البحرانية، قضى جلّ حياته وزهرة شبابه وعنفوانه في النضال، رحل جسداً كباقي الرفاق الذين سبقوه وبقيت مآثرهم وخصالهم النضالية شامخة، بل وأصبحت دافعاً مقرباً للأجيال القادمة للتمسك بالطريق الذي اختاروه لأنفسهم، ألا وهو طريق النضال ضد المستعمر البريطاني الغاشم، ذلك الطريق المبني على المنهج الماركسي اللينيني.

الرفيق إبراهيم ديتو هو واحد من أولئك المناضلين الذين تميّزوا بصلابتهم ودماثة خلقهم وبساطتهم إلى جانب تحديهم كل الصعاب والعراقيل التي واجهتهم في معمان النضال، وشدّة تمسكهم بقضيتهم الوطنية في الدفاع المتين ومقارعتهم السياسات الاستعمارية الرامية لاستغلال الانسان للإنسان ومن أجل تحقيق الحرية والعدالة والديمقراطية.

الرفيق إبراهيم ديتو كان في شبابه أحد عمال النفط في شركة بابكو، لذلك تأثر بالوضع العمالي واندمج مع بعض العمال في البحث عن مخرج لقيادة الطبقة العاملة في تحركاتها ضد المستغلين وعلى رأسهم المستعمر البريطاني ، ومن هناك باعتقادي استطاع إبراهيم بوعيه الثوري والطبقي أن يكون من صفوف الرعيل الأول لتأسيس الجبهة، ونتيجة حتمية لتحركاته السياسية في أوساط العمال والجماهير الكادحة في المسيرات والمظاهرات تعرض للاعتقال في العديد من المرات والتي كان اخرها الحملة الشرسة التي قامت بها السلطة في صيف عام 1968، التي شملت العديد من كوادر ورفاق الجبهة الذين تمّ ترحيلهم إلى سجن جزيرة جدا، حيث وضع الرفيق عبد الله الراشد البنعلي في زنزانة انفرادية، والرفيق إبراهيم ديتو مع الرفيق علي دويغر في زنزانة أخرى، والرفيق إبراهيم سلمان مكي مع الرفيق احمد جيناوي في زنزانة ثالثة، والرفيق موسى داوود مع رفيق آخر لا أتذكر اسمه حالياً في زنزانة رابعة، وهكذا بقية الرفاق الذين رحلوا الى جزيرة جدا، وقد مكثوا جميعا لعدة أشهر سجناء فيها.

كان الرفيق إبراهيم ديتو يمتاز بالأخلاق العالية المتمثلة في تمسكه بتعاليم حزبه والدفاع عنه، إلى جانب اخلاصه لمبادئه العقائدية المتمثلة في التعاليم الماركسية اللينينية، وكان حريصا على الإطلاع باستمرار على مختلف المعارف الإنسانية، فكان يشتاق في المعتقل لقراءة القصاصات الورقيّة، ويتحرى الأخبار حول وضع الرفاق الاخرين داخل السجن وخارجه رغم ان الوقت لم يمهله كثيرا حتى حل علينا عام 1969. ففي هذا العام تمّ ترحيل أغلب المعتقلين للخارج، فاختار الرفيق إبراهيم ديتو مع موسى داوود دولة الكويت، ومن دولة الكويت أخذ الرفيق إبراهيم ديتو يتنقل من بلاد إلى أخرى كي يلتقي برفاق دربه من أجل مواصلة مشوارهم النضالي من الخارج، وكما يتذكر بعض الرفاق أنه عندما كان بالعراق كان يتردد على منزل الرفيق عبد الله الراشد البنعلي، ذلك السكن الذي اصبح ملتقى للعديد من الرفاق والأصدقاء والذي كان من بينهم الرفيق الراحل د. يعقوب الجناحي مع زوجته التي كانت حاملاً بابنتها البكر لطيفة، واستمرت العلاقة بين د. يعقوب والرفيق إبراهيم ديتو منذ ذلك الوقت حتى وقت الفراق الأبدي من هذا العام 2022.

لروحهما وأرواح جميع الرفاق الذين غادرونا الرحمة والسكينة والسلام.

لتبقى الذكرى في قلوب محبيهم والصبر والسلوان لنا جميعا ولعائلاتهم.