لا بديل عن برلمان فاعل وحكومة فاعلة

0
12

ونحن في خضم المعترك الانتخابي، وهي مناسبة تتكرر كل اربع سنوات كما هو معروف، يجب أن نلحظ ونتابع الكثير من المؤشرات والشعارات والدعوات، وما يرشح عن كل هذا الحراك المجتمعي من تفاعل نستطيع القول انه تفاعل ايجابي في شكله الأعم، وفي ما يقدمه من رسائل يجب أن تصل للمعنيين، نظراً لما يكتنف المشهد الانتخابي كالعادة من أجواء وإرهاصات يستطيع المتابع العادي قبل المتابع المتخصص، إن شئنا القول، أن يلمّ بالكثير من انعكاساتها  ودرجات التحوّل والوعي فيها إما صعوداً أو نزولاً، وهي مؤشرات ذات دلالات لا تبتعد كثيرا عما يجول في  مخيلة وهواجس وأماني ومشاعر المواطنين في البحرين بمختلف شرائحهم، ليس سياسياً فحسب، وإنما اجتماعياً ومعيشياً أيضاً، وما يرتبط بكل ذلك من قناعات انطلاقا من حالة المشهد الانتخابي وما يستتبعه بكل تأكيد.

ما يحفل به المشهد الانتخابي من زيادة نوعية، كما أرى في درجات الوعي والمتابعة من قبل الجمهور المتعطش أولاً وقبل كل شيء للوصول إلى قناعات جديدة تعيد له جزءاً من الثقة التي اهتزت بكل تأكيد بفعل التعاطي السلبي لمجلس النواب والسلطة التشريعية مكتملة  خلال الفصلين التشريعيين الأخيرين على وجه التحديد، مع العديد من القضايا المرتبطة مباشرة بمصالح السواد الأعظم من الناس في الشارع البحريني، خاصة المرتبطة منها بملفات مثل ملف زيادة ضريبة القيمة المضافة، ووقف الزيادة السنوية للمتقاعدين والتعديلات التي أدخلت على قانون التقاعد ذاته والتي أثارت لغطاً،  بل غضبا شعبيا لم يهدأ بعد.

 يضاف إلى ذلك تزايد سطوة البطالة في أوساط الخريجين من الشباب والشابات، حيث أصبح عنوان المقارنة بين ما يجري في دول الجوار الخليجية من تعاط جاد  يصل لفرض سياسات الاحلال للمواطنين وتنظيم أسواق العمل هناك على اسس تراعي المصالح الوطنية بشكل واضح عبّر ارادة سياسية عليا وقرارات صارمة وملزمة، وما يجري عندنا من تسويق ممجوج تقدمه وزارة العمل وهيئة تنظيم سوق العمل وجهات اخرى رسمية من أرقام ونسب مغلوطة ومعالجات، لم يقتنع بها حتى من يكيفونها بطرق أقل ما يقال عنها إنها أساليب مستهلكة لا ترقى لتحقيق قناعات شعبية بشأنها.

كل تلك القضايا ومعها ملفات عديدة كالتعليم والإسكان والصحة، وتنويع القاعدة الاقتصادية للاقتصاد الوطني وزيادة تنافسيته، وفي المجمل وضع الاستراتيجيات الواضحة والقابلة للتعاطي مع جملة التحديات القادمة الينا بقوة، في ظلّ التحولات الإقليمية والعالمية، كل ذلك يحتاج إلى أن يكون مجلس النواب القادم ومعه مجلس الشورى المعين على درجة من الفهم للتعاطي مع كل تلك التحديات، من أجل خلق حالة مغايرة وإيجابية من التكامل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، تتجاوز بأشواط ما كان عليه الوضع في الفصل التشريعي المنقضي، آخذين في الاعتبار تزايد وعي الناس ونفاذ صبرهم  وانتظارهم  لحلول لم تأتِ بعد، وبالمقابل نتطلع إلى حكومة أكثر فاعلية وقدرة على أن تستوعب كل ذلك وتحفز من حالة النهوض بدلا من جرعات القنوط في أوساط الناس.



وضع كهذا يحتاج منا جميعاً لأن نتصارح بمحبة كأبناء وطن واحد همومنا ومشتركاتنا باتت على المحك، فنحن جميعا في قارب واحد علينا مسؤولية حمايته والسير به وسط أمواج وتحولات، نستطيع أن نقول إنها أصبحت بالفعل مخيفة للجميع، فقط علينا أن نجيل الطرف سريعا في ما يجري من تحولات  رهيبة حدثت وتحدث بالفعل في عالمنا الذي أضحى معقداً، تتجه فيه الكثير من الدول لمزيد من العزلة  بكل أسف بدلاً من التعاون، سعياً منها للتفرغ لمعالجة قضاياها، مما يلزمنا بطبيعة الحال أن نعيد النظر في الكثير من المعالجات التي أضرت كثيراً بحالة تطورنا المنشود نحو المستقبل، وما وعدنا به من استدامة وتنافسية وأولوية للقضايا الوطنية،  لازلنا نراها حلماً نبحث عنه وسط تراجعات وضجر اجتماعي آن لنا مغادرته نحو المستقبل.