صوت الأغلبية

0
69

في مؤتمر “تحديّات الديموقراطيات الناشئة”، انطلق صوت الآذان بعد ساعة من بدء الندوة ذات الزمن المحدود جدا، فقال رئيس الندوة: أمامنا خياران، إما مواصلة أعمال الندوة كسباً للوقت أو التوقف لإقامة الصلاة، ساد الهدوء لبرهة زمنية ولم يجرؤ أحد على ابداء رأيه، أجال المدير ببصره على الحضور ثم تساءل مجدداً: ما دمنا في مؤتمر الديموقراطية وحرية الرأي والتعبير والتشارك في صنع القرار فلنصوت على المقترح.

زعق رجل آخر، نصوت على الصلاة؟ أهذا مقترح؟  عيب علينا أن نُصوّت على موضوع الصلاة الواجبة المقدسة.

سقط مقترح التصويت على الصلاة وتمّ ايقاف الندوة وتفرق الجمع، جلس البعض على مقاعدهم، مضى آخرون إلى التجوال في ردهات الفندق الفاخر بحثا عن مساحة خاصة للتدخين، واختفى نصف الحضور.

مضى المصلون إلى المسجد، كانوا خمس نساء وسبعة رجال ….

في دورة المياه الخاصة بالمسجد تبين ان الحنفيات جافة والمياه مقطوعة، نصحهم حارس المبنى الآسيوي بالذهاب إلى مبنى اخر مجاور يضم مصلى، نظروا من بعيد إلى ذلك المبنى وتشاوروا، هل يستخدمون مركباتهم أم يمضوا إليه مشياً على الأقدام أم يعودوا الى قاعة الندوة؟

كان الجو أغسطسياً حاراً، ثقل على الرجال المشوار وعادوا أدراجهم.

أما النساء فواصلن المهمة، وفي المبنى الجديد كانت المياه مقطوعة أيضاً. استمر البحث عن المياه وواصلت النساء الانتقال من مبنى الى آخر بحثاً عن مياهٍ للوضوء.

في داخل الندوة جرى تصويت آخر. هل ننتظر النساء الغائبات أم نواصل وننهي أعمال الندوة؟

وجاء صوت الأغلبية بترجيح انتظار النساء.

وحلّ موعد الغذاء.

سال مدير الندوة هل نتناول وجبة الغذاء أم ننتظر بقية النساء

 انطلقت عدة أصوات بالقول: نصوت على المقترح.

نجح صوت الأغلبية، تناولوا الغداء، شعروا بالراحة لممارستهم العمل الديموقراطي المتمثل في التصويت قبل اتخاذ اي قرار.

حين عادت النساء بعد انقضاء أعمال الندوة كانت القاعة خالية ومظلمة إلا من ورقة اعتذار جاء فيها:

كل القرارات تمّ التصويت عليها وانتصرنا لرأي الأغلبية.