يتسم البرنامج الذي تقدّمت به الحكومة لمجلس النواب بالعموميات ولا يشير الى أي من النتائج المرجو تحقيقها، وبغياب أى أداة أو معيار للقياس عليه، حيث يلاحظ تجاهله للأرقام والمؤشرات العامة، حتى نعرف الحالة التي نحن فيها الآن وما نهدف إلى تحقيقه. يتعلق هذا بمعدلات النمو والتضخم والبطالة، والانتقال بالحالة السياسية ومسألة الوحدة الوطنيّة والمشاركة السّياسيّة إلى واقع أفضل، وأمور أخرى.
كما تغيب هذه المؤشرات أيضاً فيما يتعلق بالسّياسات الاجتماعيّة، وبينها إعادة تنظيم سوق العمل بما يشمل بحرنة الوظائف، ومشكلة البطالة المتفاقمة، فلا يقدّم أي معطيات عن فرص العمل التي سيحققها ومدى إستدامتها، ولا خطة يعتدّ بها لمكافحة الفقر والوقوف على مستويات الدّخل الحقيقيّة للمواطنين ومسببات تآكله من ضرائب ورسوم وتضخم أسعار وحجب لعدد من جوانب الدعم.
وينطبق ذلك على الملف الإسكاني، أمام قوائم انتظار طلبات الإسكان المتزايدة، ومسؤولية الدّولة في توفير السكن اللائق، ومعالجة قروض الإسكان في ظروف الارتفاع المتسارع لسعر الفائدة الأساس.
ورغم أن الدين العام المتفاقم من أكبر التّحديات التي تواجهها البحرين، نجد أن برنامج الحكومة لا يذكره بكلمة، مع أن الدّولة دخلت بالفعل دائرة خطر العجز الكليّ عن سداد الدّين العام، بينما هي مستمرة في الاقتراض الدّاخليّ بعد أن توقفت المؤسسات الماليّة الدّوليّة عن الاستمرار في إقراضها.
والأمر نفسه يصحّ على السّياسات الضّريبيّة لتنمية إيرادات الدّولة المعتمدة على الضّرائب غير المباشرة، ويخلو برنامج الحكومة من عقيدة الدّولة بالنسبة للسياسة الضّريبية وجوهرها الاقتصاديّ الاجتماعيّ، ولم ترد فيه أية إشارة عن محاربة الفساد، بينما البلاد بحاجة إلى تفعيل إجراءات فعالة في هذا المجال، لكشف الفساد ومحاسبة المتورطين فيه.
ويغيب عن البرنامج كلية التزام الدّولة بضمان الرّعاية الصّحيّة المجانيّة كحق للمواطن، أمام المضي في ما يطلق عليه مشروع الضّمان الصّحي، الذي هو في جوهره خصخصة قطاع الرّعاية الصّحيّة، وتخلي الدولة عن مسؤوليتها فيه.
وعلى صعيد الحقوق السّياسيّة غاب النصّ على إطلاق الحريات العامة، بما فيها حق التّنظيم والتّعبير والمشاركة السّياسيّة، والتزام الحكومة بتعزيز وتفعيل حق المواطنين في التّجمع السّلمي بما فيه المسيرات والمظاهرات للتعبير عن أراءهم، وتعديل التّشريعات التي تنظم عمل مؤسسات المجتمع المدنيّ ورفع ما نصت عليه من قيود وبما يتفق مع الاتفاقيات والمعاهدات الدّوليّة، وإعادة النظر في التّشريعات الناظمة للعملية الانتخابيّة.