آفة الفساد

0
95

لا يمكن أن تتحقق تنمية رشيدة في أي مجتمع، ما لم يجر صوّن المال العام والحفاظ على قدسيّته، كونه حقًا للمجتمع، ومهمة الدّولة توزيعه بصورة عادلة ومتساوية، وتوظيفه في توفير الخدمات الضّروريّة التي تؤمن معيشة كريمة للمواطنين، من غذاء ومسكن وتعليم وصحّة ومن تأمين بنية تحتيّة حديثة، وضمان حقوق المتقاعدين الذين هم شريحة كبيرة في المجتمع.

وصون المال العام محال بدون وجود آليات حقيقيّة وفعّالة لمحاربة الفساد، ومحاسبة المتورطين فيه، وتفعيل اجراءات الرّقابة على أوجه صرفه، بحيث لا يجري الاكتفاء برصد وتتبع التّجاوزات والمخالفات الماليّة والإداريّة، والكثير منها يبلغ مبلغ الفساد والانتفاع الشّخصيّ من هذا المال، وإنما بإيجاد آليات محاسبة فعّالة ملازمة لهذا الرّصد، لأن الكشف عن التجاوزات وحده، على أهميته وضرورته، غير كافٍ، في غياب آليات ردع الفساد والمتورطين فيه، وهذا كلام قلناه، وقالته مؤسسات المجتمع المدني في البحرين مرارًا كلما صدر سنويًّا تقرير ديوان الرّقابة الماليّة والإداريّة، فلم نسمع أو نقرأ أنه جرى محاسبة أو مساءلة ولو مسؤول واحد، عما رصده التّقرير من مخالفات، على غرار ما يجري في بلدان شقيقة لنا، تقوم بمحاسبة الفّاسدين، وإقصاءهم من مناصبهم.

وعلى سيرة تقرير ديوان الرّقابة الماليّة والإداريّة لاحظنا في السنوات الأخيرة ميّلًا لنشر موجز عن محتوياته، وليس نشره كاملًا كما كان الأمر في سنوات سابقة، لتمكين الرأي العام ومؤسسات المجتمع المدنيّ من الإطلاع على كامل بياناته، مع ملاحظة أن التّقرير لا يشمل كافة الجهات المتعين الرّقابة على أدائها.

في المرئيات التي تقدّمت بها كتلة “تقدّم” على برنامج الحكومة الأخير، جرى الوقوف عند موضوع  النّزاهة، حيث أوضحت تلك المرئيّات” أنه من أهم شروط التّعافي تحقيق نجاحات ملموسة في محاربة الفساد، وهو ما لم يرد في البرنامج أي حديث عنه، بينما البلاد بحاجة إلى تفعيل برنامج حول الإجراءات والكشف المبكر لدرء وقوع حالات الفساد ومحاسبة المفسدين، أسوّة بما هو معمول به في عدد من دول مجلس التّعاون الخليجيّ الشّقيقة، وشددت “تقدّم” على: “متابعة تنفيذ توصيات تقارير ديوان الرّقابة الماليّة والإداريّة، ومكافحة حالات تعارض المصالح ومنعها ومعاقبة المخالفين مع وضع لوائح قواعد السّلوك، وتعزيز النّزاهة ومكافحة الفساد ونشر تقرير دوريّ وفقاً ذلك””.