العالم العربي والحاجة إلى التغييّر

0
25

الشعوب العربية ما تزال مستغرقة في البحث عن إجابة سؤال المليون دولار المتعلق “لماذا تأخرت الديمقراطية”؟ وما هي الأسباب والعوامل التي تدفع بشعوب هذا الجزء من العالم إلى التسليم الكامل للحكم غير الديمقراطي؟ لماذا الكثير من الشعوب في هذا الحزء من العالم يتنازل عن حقه في إدارة الشأن العام ويفرط في الفرصة المعطاة لإختيار من يمثله في المجالس المنتخبة؟ ولماذا البعض لايرى في الفساد ونهب المال العام فعلا يخالف القانون يحتاج إلى تجريم، والفاسدون في أداء مهامهم وأدوارهم وسط إشادة وترحيب واحترام من حولهم؟

 أسئلة محورية شديدة الأهمية، ومن المؤكد أنها تمثل جوهر النقاشات السياسية. وللإحابة عليها، يعتقد الكاتب صبري الربيحات أن في الثقافة العربية لا يوجد موقف حاسم من القانون، ولايطالب الناس بحقوقهم التنموية والدستورية، ويعتقد البعض أن كل ما يتعلق بهم من خير بفعل الأنظمة، ومايصيبهم من خيبات إختيار وامتحان من الخالق. لا يوجد في الكثير من البلدان العربية برامج واضحة للنهوض والتنمية والتقدم.

ومع ذلك، نجد من يتغنى بانجازات ومبادرات غير موجودة على الأرض، وغير ملموسة النتائج فما الذي دهى هذا الجزء من العالم ؟ ولماذا تتقدم شعوب الأرض في حين تشهد مجتمعاتنا الكثير من التدهور على كافة الصعد التي شهدت أعنف حروب الإبادة في القرن العشرين تنطلق نحو العالمية بثقة وثبات لا مثيل لهما في القارة السمراء. سرعة وثبات النمو الاقتصادي الذي فاق كل التوقعات ونجاح جهود الدمج الاجتماعي للمكوّنات القبلية للبلاد  ظواهر لفتت انظار العالم، وأحيت الٱمال لدى شعوب القارة التي تحوي أكبر عدد من الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم.

كما حدث في افريقيا، استطاعت قيادة البرازيل تخليص البلاد من جل مشكلاتها الاقتصادية ، وجعلت منها واحدة من أهم ثلاث دول “جنوب افريقيا، الهند، البرازيل” تسير بخطى متسارعة نحو التصنيع والتقدم. وفي امريكا الوسطى تمكنت كوستاريكا التي كانت تعاني من الفقر والعوز والديون من تجاوز الكثير من مشكلاتها الاقتصادية والمالية بعدما قررت طوعا حل والغاء الجيش الذي كان يستهلك تسليحا وتدريبا واعاشة مايزيد على 30% من موازنة الدولة.

الصين عملت على معالجة مشكلة الاختلال بين السكان والموارد بخفض المواليد من سياسات سكانية تلزم الأسر بإنجاب طفل واحد، وجعل الحياة أكثر صعوبة للأسر التي تخرق هذه القواعد. وكنتيجة لهذه السياسات والنهضة الزراعية الصناعية الإلكترونية ، أصبحت الصين الاقتصاد الثاني في العالم بعد الولايات  والاقتصاد الأكثر نموا بين اقتصادات الدول الصناعية لاكثر من ثلاثة عقود متتالية.

الشعوب العربية تنظر إلى إنجازات الشعوب بالكثير من الاعجاب والألم. وكلما ازدادت المعرفة زاد الغضب والألم. على امتداد الفضاء العربي هناك جوع واستبداد وقمع وقهر وفساد وخوف. هذه الأوضاع دفعت لظهور موجة من الحركات المطلبية التي تخبو وتتجدد عند كل أزمة صغرت أو كبرت. في العالم العربي يوجد مخزون متراكم من الاحباط والغضب على الأنظمة والنخب السياسية والفكرية والأعلامية. مايحدث في العراق وسوريا واليمن وليبيا ولبنان وغيرها، يعبر عن جزء من المشاعر والاتجاهات التي يحملها الناس في بلادهم. المؤسف إن الكثير ممن ينتقدون الأوضاع السائدة ويدعون إلى تغييرها أشخاص لايملكون مشروعات نهضوية ولا مشاريع فكرية تمكن الناس للمستقبل. البعض من النقاد أشخاص أما عدميين أو تنقصهم الخبرة والدراية لاحداث تحول نحو مجتمعات عصرية تطبق الديمقراطية التي يتوق لها الناس. لا نريد ممارسة جلد الذات أو الترويج لليأس وقطع الأمل بإمكانية تغيير حال العرب إلى الأفضل، بل نؤمن بأن دوام الحال من المحال، ولا بد من الشعوب العربية أن تتغلب على مشكلاتها وأن تأخذ بناصية الحضارة والديمقراطية يوما ما.

إذا كان كما يقول البعض من الجيد الإحساس بالمشكلة ومن الجيد أكثر تلمس أو وضع إجابات عن التساؤلات المرتبطة بالمشكلة  او السؤال عن سبب تعثر العرب وتقدم غيرهم ،فإن الأهم من كل ذلك هو كيفية تحويل الإجابات إلى استراتيجيات عمل؟ ومن يأخذ بناصية الانتقال والتغيير؟ هل هي الأنظمة والنخب القائمة نفسها، والتي تماهت مع حالة التخلف وأنتجت التخلف والاستبداد، أو أنظمة حُكم ونخب جديدة بثقافة وعقلية جديدة.

About the author

Author profile

كاتب بحريني وعضو التقدمي