إن التراث ثروة كبيرة من الآداب والقيم والعادات والتقاليد والمعارف الشعبية والثقافة المادية والفنون التشكيلية والموسيقية، وهو علم يدرس الآن في الكثير من الجامعات والمعاهد الأجنبية والعربية لذا فإن الاهتمام به من الأولويات الملحة.
ويُعتبر التراث جزءاً أساسياً من الهوية الوطنية؛ فهو تجسيد ماديّ ومعنويّ لها، حيث إنّه يتضمّن كلاً من الأماكن، والمعالم الرئيسية، والمباني، وما يرتبط بها من طرق عرض لمقتنياتها، وآراء، ووجهات نظر، وأساطير، وغيرها، كما أنّ التراث مهم في فهم تاريخ أيّ وطن من حيث سجل أحداثه التاريخية، وهويته، وشعبه، لذا تسعى الشعوب إلى الحفاظ عليه.
ويُعدّ التراث الثقافي رابطاً مشتركاً بين الأفراد، وتعبيراً عن انتمائهم للمجتمع، وتوضيحاً لفكرة وحدة المجتمع والتواصل بين أعضائه، وهو رابطة بين الشعب وماضيه، وحاضره، ومستقبله. كما يساهم التراث في تعزيز الاقتصاد وإنعاشهِ.
كانت البحرين موطنًا للحضارات القديمة مثل دلمون وتايلوس، وهي حضارات تعود للألفية الثالثة قبل الميلاد. على مدى عقود، سجلت العديد من الرحلات الاستكشافية وجود روابط مع الماضي الغني، ولا تزال هذه المواقع الأثرية تشكل جزءًا من التراث الفريد للمملكة. وتم إدراج موقعين بحرينيين هما “قلعة البحرين” و ”طريق اللؤلؤ” على قائمة منظمة اليونسكو للتراث العالمي عامي 2005 و2012 على التوالي.
وتزخر البحرين بالعديد من المواقع السياحية والقلاع والمواقع الأثرية والتاريخية، والمعالم الحضارية الشاهدة على تاريخها وحضارتها، لذلك من المؤسف عندما تزور هذه المعالم يستقبلك موظفاً أجنبياً لا علاقة له بهذه الأرض تاريخاً وتراثاً وثقافةً، وكأن البحرينيين لا يوجد فيهم من هو مؤهل للقيام بهذه المهمة. جرب أن تزور قلعة البحرين في ضاحية السيف، أو مركز الشيخ إبراهيم في المحرق، أو قلعة الشيخ سلمان بن أحمد في الرفاع، أو بيت الجسرة، ستجد من يُعرّفك بهذه الأماكن التاريخية موظف أجنبي لا بحريني ولا حتى عربي.
لا بد من الإشارة إلى أن مملكة البحرين سنّت قانوناً خاصاً بالحفاظ على الآثار، لمكانتها التاريخية والوطنية، ولما لها من دور اقتصادي واجتماعي وثقافي، غير أن هذا القانون لا ينص في أي من بنودهِ على قصر المهن المرتبطة بالسياحة ومؤسساتها على البحرينيين كما تفعل جميع الدول، وهذه ثغرة يجب سدها وإصلاحها.
أخيراً، لماذا لا يتم تعميم نموذج متحف البحرين الوطني على جميع الأماكن السياحية، بأن يكون جميع العاملين فيها من البحرينيين؟ أليس هم الأجدر والأحق باستقبال السياح وتعريفهم بمعالم البحرين التاريخية والتراثية؟ أليس ذلك سيوفر الكثير من فرص العمل للشباب البحريني؟ لذلك نقولها بصوتٍ عالٍ، احترموا هوية وتراث البحرين الغالية.