على الرغم بأن العالم من حولنا يتغير بسرعة كبيرة، ألا إن نظامنا التعليمي مازال محافظا على إرثه، وفي حين تتطور المدارس العالمية علميا وتربويا منذ عقود، ألا إن نظامنا التعليمي عبارة عن توليفة من الديناميكيات والمبادئ المحافظة.
وفي الواقع فإن أي دولة تسعى لأن تصبح رائدة علميا على مستوى العالم، لابد أن تضع تطوير نظامها التعليمي على قائمة الأولويات حيث إنه في منظور الاقتصاد العالمي أصبح التعليم منذ فترة طويلة -وبشكل مطرد- سلعة باهظة الثمن وذات قيمة كبيرة، ولا يتم تحديد التنمية المستدامة للبلدان من خلال مواردها الطبيعية بقدر ما يتحدد من خلال المستوى العام للتعليم في البلاد.
ولقد أثرت في العقود الاخيرة تقنية المعلومات على التعليم، حيث طور الإنترنت التعليم ، وأثرت التغييرات على كل من طرائق التدريس، ومقاربات تنظيم العملية التعليمية. ويمر حاليا على المستوى العالمي نظام التعليم بمرحلة الاندماج مع فضاء المعلومات العالمي، فيتيح ذلك استخدام الطرائق الحديثة لدراسة المواد والتي أصبحت أكثر راحة وسهولة في الوصول إليها. وتعد الأجهزة التقنية كأجهزة الكمبيوتر ، والهواتف الذكية ، والأجهزة اللوحية وغيرها أساس عملية التحديث في نظام التعليم، وبالاستعانة بها يمكننا دراسة المواد بشكل نوعي من دون الالتحاق بالمدرسة او الجامعة بشكل يومي.
وعندما يتخرج الطالب من المدرسة ويلتحق بالجامعة يجب أن لا يخضع فقط لتدريب مهني ليتقن المهارات الصعبة، بل نعتقد أن المهارات الشخصية لا تقل أهمية عن المهارات المهنية وهذا هو السبب الذي يجعلنا نخصص الكثير من الوقت للأنشطة اللامنهجية، كما إن الملتحق بالجامعة لا يدرك دائمًا ما يريده بالضبط، ولديه رؤية معينة تشكلت تحت تأثير عوامل معينة، ربما خارجية، من هنا فإن التقنيات الحديثة في التعليم من الممكن اكساب المعرفة عن بعد ، إلى حد كبير وبوقت ومال أقل، حيث تساعد التقنيات الرقمية على اختيار مسار تعليمي لكل طالب ، وتزيد من الموضوعية في التقييم وتقلل بشكل جذري من العبء الواقع على عاتق المعلمين.
لذا ما الذي يجب علينا القيام به؟
التحول إلى الاستخدام الجماعي للمجمعات التعليمية والمنهجية الرقمية الحديثة.
بالنسبة لأطفال المدارس، ستنشئ هذه المجمعات برامج فردية، وتختار أفضل الأساليب والصيغ لدراسة المواد لكل منها، وسيتم مساعدة المدرسين على ملء التقارير والمجلات والتحقق من دفاتر الملاحظات، أي أنهم سيوفرون وقت لاتباع نهج إبداعي.
إدخال الألعاب والمحاكاة في العملية التعليمية، وهي التي ستشرك الأطفال وتجعل التعلم مرئيًا وتساعد في تطوير مهارات القرن الحادي والعشرين: العمل الجماعي، والتفكير النقدي، والإبداع.
تطوير النظام التعلمي عن بعد والتعلم المدمج – عندما تدرس المواد في أي مكان ومدى ملائم – والحضور إلى الفصل لمتابعة الندوات والامتحانات. هذه هي الطريقة التي يتعلم بها الأطفال للمواد غير المتوفرة في المدرسة، ولا شك ان التعلم عن بعد يساعد على إتقان المواد بشكل أسرع.
إيجاد طرائق جديدة للتفاعل بين المعلم والطالب؛ عند اختيار مؤسسة تعليمية تحول التركيز إلى جودة التعليم، وليس القرب من مكان الإقامة.
لقد غير الإنترنت التعليم، وأثرت التغييرات على كل من طرائق التدريس ومقاربات تنظيم العملية التعليمية، حيث ساهمت تقنيات المعلومات الحديثة من إتاحة الوصول إلى المعرفة لجميع البشر تقريبًا في وقت قصير.
يمكن أن يؤدي توفر الإنترنت، وأجهزة الكمبيوتر، وطرائق التعلم إلى تحسين المستوى العام لمحو الأمية لدى السكان.
تأثير تكنولوجيا المعلومات على التعليم منذ عام 2020
ففي عام 2020 ، انتشر فيروس كورونا ، COVID-19 ، بنشاط في جميع أنحاء العالم، وفرضت العديد من الدول قيودًا على الأحداث الجماهيرية ، وحظرت زيارة الأماكن المزدحمة، فتم إدخال أشكال التعليم عن بعد في المدارس، والجامعات، والمنظمات الأخرى ، حيث سمحت التقنيات عن بعد في التعليم بالبقاء وتعزيز مكانتها؛ نتيجة المحظورات وخطر الإصابة بعدوى عند التواصل مع الناس ، وتحولت الكثير من الدول إلى الدراسة باستخدام الإنترنت.
وغيرت المدارس والجامعات ومراكز التعليم في وقت قصير طرائق التدريس، أو حسنت الدورات الحالية عن بعد، وتم تغيير برامج التعليم إلى تنسيق تفاعلي، حيث أصبح بالإمكان الحصول على المعلومات ليس فقط شخصيًا، ولكن أيضًا عبر الإنترنت.
وأتاح التعليم الإلكتروني تحسين مهارات الطلبة ، والخضوع لإعادة تدريب مهني وتدريب قصير الأجل على الوظيفة، و تمكّن الطلبة أيضًا من عدم التوقف عن دراستهم ، بل التكيف مع طرائق جديدة للحصول على المعلومات، كما أتاح التعلم الإلكتروني والدورات عن بعد تحسين مؤهلات ومستوى معرفة المتخصصين في مختلف مجالات النشاط، كما يستغرق وقتًا أقل للتحضير.
عيوب التقنيات الرقمية الجديدة:
على الرغم من الإيجابيات الكثيرة لتقنية التعليم عن بعد عن طرق الإنترنت ألا إن للتقنيات الرقمية عيوب منها:
عدم استعداد جميع المعلمين لتغيير طريقة العمل المعتادة إلى طريقة أكثر تقدمًا، ومن هنا يجب أن تطور أساليب التعلم الإلكتروني والتوصيل عن بعد الحاجة إلى المعرفة.، كما إن الاستخدام غير الكفؤ للتكنولوجيا الحديثة أدى إلى تشوه الإدراك.
التقييد الكامل للتواصل الحي عبر الإنترنت، والاعتماد على الموافقة الاجتماعية وعدم وجود فرصة للتحدث علانية – كل هذا يمكن أن يؤدي إلى عواقب سلبية لمثل هذا النظام- إذا لم يكن للتعليم الإلكتروني هيكل خاص به، ولكن تم تقديمه فقط كمكمل اختياري ، فستتأثر جودة التعليم.
مدى فعالية الدولة وجديتها وإمكانياتها ودورها في تطوير التعلم الإلكتروني، مما يحفز تطوير التقنيات الرقمية.
فوائد التقنيات الجديدة للتعليم:
قبل 20 عامًا فقط، كان بإمكان المرض إيقاف عملية التعلم – حيث لا يمكن لأي شخص استيعاب المواد عن طريق تخطي الدروس، ولكن الآن يمكن للطلبة الدراسة والتعلم حتى في إجازة مرضية، حيث تتمتع التقنيات البعيدة بعدد إضافي من المزايا منها:
-التدريب في مكان مناسب
-تحفيز التعليم الذاتي
-بحث سريع وسهل عن المعلومات
-تحسين المعرفة حول كيفية استخدام تكنولوجيا المعلومات،
عدم اقتصار الوصول إلى المعلومات على أدبيات المؤسسة التعليمية لوحدها
ازدياد المستوى الفكري والقدرة على التعلم الذاتي مع استخدام تقنيات الاتصالات ويساعد ذلك على تعلم الانضباط الذاتي والبحث عن المعلومات بشكل صحيح للعمل في المستقبل.
يساعد التعلم الإلكتروني والدورات عن بعد أعضاء هيئة التدريس الكبار على تعلم جديد وتغيير الطريقة التي يتعلمون بها نتيجة لذلك، ومن الممكن تحسين نظام التعليم ، والذي سيجمع بين المهارات العملية لمعلم متمرس والمعلومات النظرية الجديدة حول اتجاه النشاط.
يؤدي استخدام الكمبيوتر للتعرف على المادة إلى تطوير التفكير المجرد لهذا الغرض، حيث من الممكن استخدام مقاطع الفيديو والملفات الصوتية والعروض التقديمية وغير ذلك الكثير.
ما يجب القيام به؟
إعادة تدريب وتأهيل إدارة المؤسسات التعليمية في جميع مستويات التعليم.
تحفيز تطوير الأساليب والتقنيات الجديدة من خلال اعتماد المعلمين على التقنية الرقمية مما يضمن زيادة الأجور.
إعداد برامج تعليم المعلمين مع التركيز على الممارسة بالإضافة إلى دعم الدراسات العليا للمعلمين الشباب، مما ستساهم هذه التدابير ليس فقط في نمو النتائج التعليمية ، ولكن أيضًا في تحسين الرفاهية الاجتماعية والوضع الاجتماعي للمعلم.
وختاما فإنه نظرا لأن تقنيات المعلومات أصبحت أكثر سهولة في الوصول إليها، فقد يكون استخدامها مبررًا في المستقبل حتى للأطفال في سن ما قبل المدرسة، وعلى سبيل المثال حيث يمكن للمدرس استخدام السبورة التفاعلية ومقاطع الفيديو لعرض المواد بصريًا وما إلى ذلك و سيتمكن الطفل من التعود بسرعة على البيئة الرقمية للمستقبل، وعليه فإننا بحاجة إلى تغيير وإعادة بناء نظام التعليم لتلبية الاحتياجات الجديدة للاقتصاد.