سوريا والحصار الإمبريالي

0
124

بعد حصار العراق لسنوات في تسعينيات القرن الماضي من قبل الإمبريالية الأمريكية فيما بعد عملت على إسقاط النظام في إبريل من عام 2003 واحتلال العراق وتدميره وتخريبه ونهب وسرقة خيراته وثرواته وخلق الفتن الطائفية والعرقية وبروز القوى التكفيرية والإرهابية تحت مسميات عدة وفي فترات لاحقة من الاحتلال الأمريكي استولت على العديد من المدن والمناطق العراقية كما حدث مع داعش في عام 2014 عندما أقامت دولة الخلافة الإسلامية ثلاثة أعوام قبل  دحرها من قبل الجيش العراقي والحشد الشعبي، واتّضح جلياً فيما بعد بأنها “ماركة أمريكية الصنع” جاء على لسان العديد من المسؤولين الأمريكيين، وبطبيعتها العدوانية الإمبريالية الأمريكية فهي لا تريد الاستقرار والأمن للمنطقة وهي التي أطلقت مقولة “الفوضى الخلاقة” في الشرق الأوسط من قبل وزيرة خارجيتها السابقة كوندليزا رايس في عام 2006، وتمّ تنفيذ الخطة من قبل المخابرات الأمريكية CIA وحلفائها  في عام 2011 تحت دعاوى دعم ثورات “الربيع العربي” مستغلين رغبة الشعوب العربية في تغيير أنظمة الاستبداد والاضطهاد في البلدان العربية، ولكن الذي حدث غير ذلك تم تدمير العديد من البلدان العربية ليبيا، اليمن، وسوريا .

نتوقف أمام سوريا التي حشدت لها القوى الإمبريالية الآلاف من العناصر والمؤيدين للقوى التكفيرية والظلامية من البلدان العربية والعالم وصرفت على تلك الجماعات الإرهابية والحرب العدوانية في سوريا مليارات الدولارات، حسب تصريح مسؤول خليجي سابق. لقد دُمرت سوريا بالكامل وخُلقت فيها الفتن الطائفية والعرقية وتشرد السوريون في داخل سوريا وفي الخارج بالملايين، وبقت معاناة الشعب السوري.

 كانت سوريا قبل عام 2011  تحتاج لمزيد من التغيير والإصلاح السياسي، لترسيخ القيم الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان في المجتمع وهذه مطالب القوى الديمقراطية والتقدمية السورية، ولكن الذي حدث لا يمت بصلة لتلك المبادئ الإنسانية السامية، حيث تحوّل إلى تخريب وإرهاب برعاية أمريكية وأوروبية وصهيونية وبدعم من بعض الدول الخليجية والعربية، لم يكن هدفه الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحريات العامة، بقدر ما كان يهدف لتدمير الدولة السورية وقيام نظام سياسي ينفذ الأجندة  الأمريكية ويطبّع مع الكيان الصهيوني.

 عندما عجزوا عن تنفيذ مخططاتهم التآمرية على سوريا، عملت الإمبريالية الأمريكية على إصدار “قانون قيصر” الجائر منذ سنوات لتفرض العقوبات القاسية على الشعب السوري لتزيد  معاناته من سيئ إلى أسوأ، وبقيت الإمبريالية الأمريكية  التي تحتل اليوم أجزاء كبيرة من سورية وتسرق نفطها تمارس عمل العصابات والبلطجة. 

في ظل هذه الظروف الصعبة التي تعيشها سوريا حدث مالم يكون في الحسبان وهو الزلزال المدمر الذي ضرب الجنوب التركي والشمال السوري فجر يوم الاثنين السادس من شباط ” فبراير ” 2023 ، في واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في العالم التي لم تحدث من عقود من السنين مخلفة وراءها الآلاف من القتلى والجرحى والمفقودين، والمشردين بالملايين في وضع مأساوي لا مثيل له في العصر الحالي، وعلى حسب أحد الناجيين عبّر بقوله أنها “القيامة” نهاية الكون  .

التعامل المختلف مع ضحايا الزلزال في تركيا وسوريا، يظهر مرة ثانية وجه الإمبريالية الأمريكية القبيح ومعها دول حلف الناتو عندما تسارع لتقديم الدعم والمساعدة لتركيا، وتحرم الشعب السوري من تلك المساعدة  تحت تبرير عدم خرق قانون قيصر والعقوبات المفروضة على سوريا، فأي أخلاق هذه، التي تتشدق بها هذه الدول التي تدّعي بأنها تدافع عن الديمقراطية والإنسان في العالم، ولتغطي أخطاءها يحوّل البعض منها تقديم مساعدات عن طريق منظمات أغاثة وتابعة للأمم المتحدة، ومن هنا على الشعوب العربية وأحرار العالم الضغط في سبيل كسر الحصار ورفع العقوبات عن سوريا، لتخفيف معاناة شعبها الشقيق المستمرة كل هذه السنوات.