كيف وأنت هبة الله على الأرض
يتجول في دروبك الموت؟
كيف وأنت ثمار الجنة
تسقطين غضة في هاوية النار ؟
***
أنت الإله المجهول
الجوهر المكنون
النور الأسمى في الجبال
كيف أتاك اعداء الكون
كيف أكل ثمرك غزاة الأرض؟
***
نشيدي إليك لا يجف
لا يذبل
ولا يأخذه النسيان .
***
لأنك الوردة المقدسة
من أجلها صلى الكون
وخلق الله الجمال.
***
مطر هادئ في عينيك
مطر دافئ في شفتيك
دفء شمسك الحانية
على الرضع والأرامل والأيتام .
***
متى تشرقين !
يشرق الحب في قلوب الصبايا
تشرق الخدود
تغدو حمراء بلون الدم
تشرق النهود
لتمتلئ الأمهات بحليب الحياة .
***
حزمة الحطب
جمعتها امرأة من الغابة
لتشعل النار
نتدفأ بها معك
كي
لا يطأ البرد عظامك
في الليالي
التي يبتعد فيها القمر
ويسود الظلام الكون .
***
ها أنت تودعين بنيك وأسرار خلقك
ما وراء الموت
تتطلقين في رحيلك الكوني
الذي لا يهدأ أبدًا
لأنك كالأنهار المقدسة
لا تعودين القهقرى
ولا تغفين أبدًا .
***
نحن من يبكيك اليوم
من يقف على أطلالك
يسأل الهلاك:
لم جعلت مدينتي فتاتا مرا ونثارا؟
***
احملينا بعيدا
لنسكن منابع الأنهار وقمم الجبال
أضيىء منازلنا المهجورة
بعد أن تراكم بها البكاء
وحصد أطفالها الرصاص.
***
كيف وأنت تلدين الليل والنهار
تمنحين الحب
تسكبين المطر على العشاق
كيف تحجب عنك الشمس
وينتشر في أرضك الدمار؟
***
كيف وأنت تمنحين الطفولة لون البحر
يمنحك البحر لون الدم
تنتشر على ضفافك عظام الأطفال
جثث الغرقى
جماجم مثقوبة برصاص الغدر .
***
سورية الوادعة كقلوب الأطفال
دامعة العينين كآلهة الحب
( زيتونة خضراء جميلة
ذات ثمر رائع
هكذا سماك الرب
ثم عند صوت جلبة عظيمة
أضرم في ورقها النار فحطمت أغصانها ).
***
كأنها نهاية العالم حين نرثي أمهاتنا
كأننا ننام كي لا نستيقظ أبدًا
كأن ما ينتظرنا جفاف الثمر وامحاء الكون .
***
سورية التي يستمع العالم لنحيب أطفالها
في الرامة والجليل وبيت لحم
سورية التي كلما بزغت في سمائها النجوم
هرع الطغاة بحثا عن ولادة المسيح وعن سيف هيرودس
وعن نبوءة المجوس .
***
أتنسى المرأة حشاشة رحمها فننساك
أتنسى البرية الغيم المثقل بالمطر الجارف فننساك
أينسى الله الموج جارف غرقى السفن الى اليابسة
منقذ النهر من الجفاف وكوخ الصياد من الزمهرير .
***
أينسى الله خالق الجمال صبيته العذراء
الأم الغائرة في الحزن
الأم النادبة رأس ابنها القتيل
أنبياء الصحراء
أجراس الكنائس العتيقة
الشمس في هروبها الكوني الأخير ؟
***
دعي الموت يتجول في الأزقة المهجورة
دعيه لا يرى الطفولة وقد أخذها الله بعيدا
في العتمة كما في النهار
كما في ضوء الشمس الخافت
كقمر الرحيل الأخير عن الصحراء .
نص شاعري موجع يعكس واقع تعيس يقدمه لنا المبدع سما عيسى ربما ليذكرنا ويذكر العالم بمأساة القرن 21
جميل جدا. شكرا لكلماتك الرائعة والمعبرة عم واقع سوريتنا الحزين
Comments are closed.