تسليع الصحة

0
23

تطبيق نظام التأمين الصحي الذي بات قريباً سبقه إجراءات “نحفت” جسد وزارة الصحة كمقدّم وضامن للخدمات الصحية العامة في البلد، بعدما تقاسمت عدة جهات دور الوزارة. وبات الحديث اليوم عن دولة الرعاية الصحية على الأقل حديثاً عبثياً تسرده الخيالات غير الواقعية.

مع الأسف الشديد، تخلت الدولة عما كان يمكن أن يكون أيقونة وأنموذجاً صحياً تضاهي به دول المنطقة حين كان النظام الصحي منذ الستينات يشهد طفرات صحية تسبق المحيط، ولكن ما مرّت به المنظومة الصحية من افراغ على حساب تنفيع القطاع الخاص، أدى لإيجاد ظاهرة غريبة متمثلة في عطالة الأطباء ومقدّمي الخدمات الصحية في بقية المجالات ولو بنسب متفاوتة ولكنها موجودة.

في حديثه خلال ندوة بالتقدمي حول الضمان الصحي يقول وزير الصحة الأسبق الدكتور علي فخرو بأنه: “من الخطأ، ان نتخلى عن دولة الرعاية”، وقال ضمن قاله بأن العالم بأسره يشهد استسلاماً للرأسمالية دون أي اعتبارات للإنسان.

الحديث عن الإنسان في الوقت الحالي أصبح، بالنسبة لرعاة هذا النموذج الرأسمالي،  من النظريات قديمة الطراز، والسبق اليوم لمن يستطيع ان يستثمر ويتحرك وفق منظومة تدّر المال والعملات الرقمية، ولم يعد الإنسان في المنظور العالمي قيمة حقيقية يمكن التعويل عليها بل أصبح تحت مسميات أخرى: فئة مستهدفة، شريحة، هامش ربحي… وغيرها.

ما نحن بصدده اليوم هو تسليع للصحة، وهو الذي ما حذر منه فخرو في ندوته الأخيرة بالتقدمي، حيث قال بأنه متوجس من تبعات تطبيق نظام التأمين الصحي، حيث سيحصل الغني على خدمة صحية لن تقدم مثيلها للمريض الفقير، وهي الفكرة الأساسية التي يقوم عليها نظام التأمين الصحي حينما يتم تسليمه للقطاع الخاص وشركات التأمين الطبي.