سوريا

2
172

كيف وأنت هبة الله على  الأرض

يتجول في دروبك الموت؟

كيف وأنت ثمار الجنة

تسقطين غضة في هاوية النار ؟

***

أنت الإله المجهول

الجوهر المكنون

النور الأسمى في الجبال

كيف أتاك اعداء الكون

كيف أكل ثمرك غزاة الأرض؟

***

نشيدي إليك لا يجف

لا يذبل

ولا يأخذه النسيان .

***

لأنك الوردة المقدسة

من أجلها صلى الكون

وخلق الله الجمال.

***

مطر هادئ في عينيك

مطر دافئ في شفتيك

دفء شمسك الحانية

على الرضع والأرامل والأيتام .

***

متى تشرقين !

يشرق الحب في قلوب الصبايا

تشرق الخدود

تغدو حمراء بلون الدم

تشرق النهود

لتمتلئ الأمهات بحليب الحياة .

***

حزمة الحطب

جمعتها امرأة من الغابة

لتشعل النار

نتدفأ بها معك

كي

لا يطأ البرد عظامك

في الليالي

التي يبتعد فيها القمر

ويسود الظلام الكون .

***

ها أنت تودعين بنيك وأسرار خلقك

ما وراء الموت

تتطلقين في رحيلك الكوني

الذي لا يهدأ أبدًا

لأنك كالأنهار المقدسة

لا تعودين القهقرى

ولا تغفين  أبدًا .

***

نحن من يبكيك اليوم

من يقف على أطلالك

يسأل الهلاك:

لم جعلت مدينتي فتاتا مرا ونثارا؟

***

احملينا بعيدا

لنسكن منابع الأنهار وقمم الجبال

أضيىء منازلنا المهجورة

بعد أن تراكم بها البكاء

وحصد أطفالها الرصاص.

***

كيف وأنت تلدين الليل والنهار

تمنحين الحب

تسكبين المطر على العشاق

كيف تحجب عنك الشمس

وينتشر في أرضك الدمار؟

***

كيف وأنت تمنحين الطفولة لون البحر

يمنحك البحر لون الدم

تنتشر على ضفافك عظام الأطفال

جثث الغرقى

جماجم مثقوبة برصاص الغدر .

***

سورية الوادعة كقلوب الأطفال

دامعة العينين كآلهة الحب

( زيتونة خضراء جميلة

  ذات ثمر رائع

  هكذا سماك الرب

ثم عند صوت جلبة عظيمة

أضرم في ورقها النار فحطمت أغصانها ).

***

كأنها نهاية العالم حين نرثي أمهاتنا

كأننا ننام كي لا نستيقظ أبدًا

كأن ما ينتظرنا جفاف الثمر وامحاء الكون .

***

سورية التي يستمع العالم لنحيب أطفالها

في الرامة والجليل وبيت لحم

سورية التي كلما بزغت في سمائها النجوم

هرع الطغاة بحثا عن ولادة المسيح وعن سيف هيرودس

وعن نبوءة المجوس .

***

أتنسى المرأة حشاشة رحمها فننساك

أتنسى البرية الغيم المثقل  بالمطر الجارف فننساك

أينسى الله الموج جارف غرقى السفن الى اليابسة

منقذ النهر من الجفاف وكوخ الصياد من الزمهرير .

***

أينسى الله خالق الجمال صبيته العذراء

الأم الغائرة في الحزن

الأم النادبة رأس ابنها القتيل

أنبياء الصحراء

أجراس الكنائس العتيقة

الشمس في هروبها الكوني الأخير ؟

***

دعي الموت يتجول في الأزقة المهجورة

دعيه لا يرى الطفولة وقد أخذها الله بعيدا

في العتمة كما في النهار

كما في ضوء الشمس الخافت

كقمر الرحيل الأخير عن الصحراء .

2 تعليقات

  1. نص شاعري موجع يعكس واقع تعيس يقدمه لنا المبدع سما عيسى ربما ليذكرنا ويذكر العالم بمأساة القرن 21

  2. جميل جدا. شكرا لكلماتك الرائعة والمعبرة عم واقع سوريتنا الحزين

Comments are closed.