في الذكرى السنوية لعيد العمال العالمي وعمال البحرين، الأول من مايو المجيد، الذي أصبح عطلة رسمية كما جاء بقرار ملكي ضمن مجموعة من المراسيم والاوامر الملكية لجلالة الملك بما مثّل للعمال الأرضية الخصبة للعمل وأطلق للحركة النقابية حرية ممارسة مهامها، فباعتماد الأول من مايو إجازة رسمية كمكسب يعتز به عمال البحرين، وهو من ضمن ثمرات لنضالات أجيال ضحت من أجل ذلك.
إن ما صدر من قرارات وتشريعات عمالية ما يمكن اعتباره نقلة نوعية للعمل النقابي والعمالي في البحرين خاصة بإصدار قانون النقابات رقم 33 لسنة 2002 والذي على اثره دارت عجلة الحراك النقابي في جميع القطاعات الاقتصادية، بحيث تمّ تأسيس العشرات من النقابات خلال عام 2003 ليتوج ذلك الحراك بتأسيس الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين في الرابع من يناير 2004 مما أفضى، وفي خلال سنوات معدودة، وفي العديد من الشركات لتحقيق مشاركة ومساهمة جدية لممثلي العمال في الحوارات والمفاوضات التي انتجت العديد من الاتفاقيات، وتمّ تحقيق العديد من المكاسب للعمال كافة، وانعكس ذلك على استقرار بيئة العمل والانتاجية ورضا العمال وانحسار الشكاوي العمالية الى أقل قدر ممكن.
بعد ما يربو على عشرين سنة على ذلك نتساءل: أين وأين نحن الآن؟! حيث ما نشهده ونواجهه من تصاعد في التحديات وعلى جميع الأصعدة، بداية بتأزم وتصاعد ملف البطالة وزيادة الشكاوى العمالية الجماعية والفردية بخصوص الانتهاكات للقوانين وتأخر في صرف الأجور وتوقيف للزيادات السنوية وغيرها، الى ما تواجهه النقابات من تعنت من إدارات الشركات بعدم تفعيل آليات الحوار والمفاوضة الاجتماعية وعدم تنفيذ اتفاقيات سابقة والتنصل منها، زد على ذلك أن تصل في العديد من الحالات إلى رفض إدارات بعض الشركات الرضوخ لعدالة القضاء والتهرب من تنفيذ احكام قضائية واجبة التنفيذ حصلت عليها النقابات بحكم المحكمة.
من جهة أخرى نشهد تفتت النقابات وتبعثرها وانحسار دورها واتساع شقة الخلاف بين الاتحاد العام والعديد من النقابات الفاعلة، خاصة مع تحييد الاتحاد العام دوره الذي انزوى في الظل تاركاً النقابات وحيدة في نضالها وصراعها مع إدارات عمل كل همها أن تقضي على أي عمل نقابي حقيقي في داخل شركاتها وبممارسات عديدة من محاربة النقابيين واستخدام العديد من الأساليب بما فيها التمييز ضدهم بسبب عملهم النقابي وتأديتهم لمهامهم في الدفاع عن مصالح ومكتسبات أعضاء نقاباتهم من العمال.
في هذه المناسبة المجيدة .. تنتابني أسئلة عديدة اتشارك معكم إياها، علّنا نتوصل الى اجابات تساهم في انتشال العمل النقابي من هذه الحالة المتردية: لماذا تدهور العمل النقابي وأصبح في أضعف حالاته؟ ولماذا أغلقت بعض أبواب ممثلي اصحاب العمل والمؤسسات في وجه ممثلي النقابات حتى أصبح خيار القضاء هو الفيصل لتلك العلاقة؟، كما نتساءل من المسؤول عن ضياع وحدة وبوصلة الحركة النقابية وضعفها الذي نسجته لذاتها؟
لذا فإن الكل مدعو إلى تقييم الحركة النقابية ومراجعة مسيرتها وما هي العوامل السلبية والإيجابية التي ادت إلى التدهور، وكيف السبيل لرسم خارطة الطريق للخروج إلى مساحات أكثر توافقا وتطوّراً ونموّاً نحو وحدة نقابية حقيقية تتلاقى مع طموحات الطبقة العاملة.
اليوم في عيد العمال المجيد علينا ألا نكتفي بالتهاني بل بمراجعة طريق الحركة النقابية والأخذ بزمام الأمور وبوادرها لرسم خطة المستقبل برؤية جديدة حديثة قادرة على مواجهه التحديات والمستجدات لبناء نقابات حرة مستقلة بذاتها وبشخصيتها الاعتبارية.
ومرة أخرى نؤكد على ضرورة وحدة الطبقة العاملة حتى و أن وجدت التعددية النقابية سواء على صعيد المنشأة أو الاتحادات؛ فلا بد من التلاحم والتوحد حول تثبيت الإرادة العمالية… وكل عام وعمالنا بخير وسلامة.