دور الحركة العمالية في النهوض الجماهيري في النصف الأول من السبعينيات

0
39

بعد الحملة الشرسة على قيادة انتفاضة مارس 1965، وتلتها الاعتقالات التي جرت في العام 1966، وشملت القوى الوطنية وبشكل خاص كوادر جبهة التحرير  الوطني بالرغم من تحقيق بعض المكتسبات بعودة النسبة الأكبر من مسرحي عمال “بابكو”  ونتيجة لهذه الحملة ساد ركود وانحسار في الشارع البحريني، الا أن هذا الركود كان بمثابة الرماد الذي يغطي الجمر، وبمجرد هبوب الرياح فإنها تزيل هذه الرماد.

جاءت احداث خارجية حركت المياه الراكدة، فهزيمة 1967 أمام الكيان الصهيوني حرّكت الشعوب العربية المتعاطفة مع خطابات جمال عبد الناصر والقضية الفلسطينية فخرجت إلى الشوارع منددة بادانة اسرئيل والكيان الصهيوني وانعكس هذا على الشارع البحريني، فخرجت المسيرات  المنددة بإسرئيل.

وعلى الصعيد العمالي  بدا  عمال محطة الكهرباء في مارس 1968 باضراب  عام خاضته الكوادر العمالية لجبهة التحرير امثال الرفاق سيد  فخري العلوي وسيد اسماعيل العلوي وموسى خميس وسيد جعفر الوداعي
وكانت المطالب اضافة للمطلب النقابي وضع السلامة والأجور، إلا ان الاضراب توقف بعد اعتقالات قيادته وارتأت القيادة البديلة التوقف لترتيب الأوضاع، إلا أن هذا الاضراب تكرر مرة اخرى في 1969 وتحت نفس المطالب.

وتلى ذلك اضراب موظفي وزارة الصحة – قسم الملاريا عام 1970، حيث اكدوا مطلبهم النقابي وكذلك تعديل الاجور، وبعد دراسة للوضع السئ في وزارة الصحة قاموا باضراب اخر  في 10 – 12 فبراير 1972، وبقيادة الكوادر العمالية لجبهة التحرير أعلنوا اضراباً قوياً هزّ الوزارة، حيث تجاوب معهم الوزير ووعدهم بحل مشكلة  الأجور وتطوير الكادر التمريضي وعلى ضوء ذلك وافقت لجنة الاضراب بتشكيل لجنة تنسيق بين الوزارة والمحتجين، حتى تحققت بعض الاصلاحات وجرت بعض التعديلات في الأجور.

في الوقت نفسه برزت احداث خارجية ممثلة  بوفاة جمال عبدالناصر ففي 28 سبتمبر 1970 ، ثم اعلان الانسحاب البريطاني من دول الخليج في منتصف عام 1971، لتصبح  دول الخليج دولاً مستقلة ومعترف بها من قبل الامم المتحدة، ولهذا لم تتوقف التحركات العمالية مطالبة  باصلاحات من ضمنها حرية العمل النقابي، فأعلن عمال  شركة “ألبا” و”طيران الخليج” الاضراب للمطالبة بحرية تشكيل النقابات ورفع الأجور، وانضمت إلى هذا الاضراب مؤسسات المقاولات الكبرى.

وكان تخوف السلطة من تأزم الأمور، فامرت بتدخل قوات الحرس الوطني  فأقاموا ترسانات  عسكرية في شركة “البا” واذاعة البحرين وأمام دوار مطار البحرين لمنع استمرار الإضراب، وقامت بحملة اعتقالات ومطاردات ضد القيادات العمالية. ونتيجة لتأزم الوضع العمالي في البحرين التقى  طرفا الحركة العمالية لتياري جبهة التحرير والجبهة الشعبية في اطار  تنسيقي تحت لواء “اللجنة التاسيسية لعمال البحرين والمهن الحرّة”، وشكّلوا وفداً مشتركاً للتفاوض مع وزارة العمل وقدّموا مطالبهم وفي مقدمتها العمل النقابي وماطلت وزارة العمل بذلك، حيث أخبرتهم بأن الدولة ستمنحهم برلمان أكبر من المؤسسات النقابي .

وكانت الملاحقات واعتقالات قيادة هذا التحرك، فانقطعت هذه الاتصالات مابين الطرفين وتجمد هذا التنسيق.
وجاء اعلان الدولة تشكيل المجلس التاسيسي في منتصف 1972 ليضع اللبنات الاولى لدستور 1973 وبعدها الاعلان عن  اجراء انتخابات البرلمان في 7 ديسمبر 1973، والتي استطاعت فيها جبهة التحرير إيصال ثمانية مرشحين من أعضاء كتلة الشعب من أصل 12 مرشحاً، وبفعل نضوج وتاثير الكوادر العمالية القيادية  ساهمت في صعود الحركة  الجماهيرية  في الوسط العمالي مستثمرة أجواء الديمقراطية النسبية في الفترة مابين ( 1972 – 1975 ) التي وضعت بصماتها وانجازاتها  في تحقيق بعض المكتسبات التي تركزات في المواقف التالية:

 اولاً: مسيرة العاطلين  العمالية في 14/12/ 1972 والتي قادها المناضلان العماليان عباس عواجي وجليل الحوري، حيث أخذ هذا التحرك شرعيته بعد تقديم طلب رسمي من الداخلية، إلا أن السلطة رفضت هذا الطلب بعد المماطلة، فقرر العمال الخروج والتعبير عن مصالحهم  مما عرض قيادتها للاعتقال وتقديم قيادتها للمحكمة، إلا أن القاضي حكم ببراءاتهم واطلاق سراحهم.

ثانياً:  الاحتفال بالأول من مايو  1974  حيث اقيم الاحتفال في الساحة الكبيرة أمام نادي البحرين الرياضي بالمحرق، حيث احتشدت الجماهير من كل أنحاء البحرين للاحتفال بهذا اليوم والتضامن مع الحركة العمالية ولأول مرة في البحرين بشكل علني ورسمي بترخيص من الدولة، وتمّ القاء الخطب بهذه المناسبة حيث القت
المناضلة فاطمة غلوم عضو نقابة وزارة الصحة كلمة بهذه المناسبة، كما ألقى رئيس نقابة “ألبا” عبدالواحد عبدالرحمن كلمة النقابة، اضافة إلى متحدثين آخرين، إلا أن الاحتفال تواصل بعد انتهاء المهرجان الانتخابي، حيث توجه الحضور إلى نادي راس الرمان حيث كان احتفالاً آخر تم اعداده هناك حيث القى الدكتور عبد الهادي خطاباً تناول فيه دور الطبقة العاملة واسهاماتها في المجتمع.

ثالثا: الزخم الكبير من الإضرابات العمالية والتي وصل عددها إلى 36 اضراباً شملت كل المؤسسات والشركات الكبرى

رابعا: تشكيل النقابات الاربع:

  1. نقابة العاملين في البا في 28 مارس 1974، والتي راسها المناضل العمالي عبد الواحد عبد الرحمن.
  2. نقابة العاملين في وزارة الصحة في 30 مارس 1974 والتي رأسها المناضل العمالي عباس بحاري.
  3. نقابة العاملين في قطاع البناء والانشاء في 28/5/ 1974 والتي رأسها المناضل العمالي عباس عواجي.
  4. 4-     نقابة العاملين في وزارة الكهرباء في السنة نفسها، والتي رأسها المناضل العمالي السيد فخري العلوي.

 وكان لتأسيس النقابات الأربع دوراً كبيراً في كسب أعداد  كبيرة من الأنصار والحاقهم ضمن العمل النقابي, بالإضافة إلى تحقيق بعض المطالب المعيشية اليومية، ورفع مستوى الأجور في بعض الشركات مثل “أوالكو”  وارجاع مفصولي شركة “ألبا”.

ومع انتهاء الديمقراطية النسبية بحل البرلمان في 15 أغسطس 1975 واعتقال الشخصيات الوطنية من النوّاب والكوادر العمالية والحزبية وصدور قانون أمن الدولة سئ الصيت انتهت مرحلة الانتعاش الجماهيري  وحلّ محلها القمع والمطاردات البولسية والتي استمرت حتى صدور ميثاق العمل الوطني في 22 نوفمبر 2000.