البطالة بين الأرقام الرسميّة والواقع المعاش

0
14

منذ تسعينيات القرن الماضي حين اعتصم أعداد من العاطلين عن العمل في البحرين أمام ساحة وزارة العمل، والجهات الرسمية لم تعترف حينها رسمياً بمشكلة البطالة، رغم أن الحكومة في تلك الفترة اتخذت بعض الاجراءات في اتجاه حلحلتها، من بينها تحديد نسب بحرنة محددة في بعض القطاعات والتشجيع على تشغيل البحرينيين لدى بعض الشركات المعهود لها بأعمال لبعض الوزارات والقطاعات الحكومية، إلى أن جاء مشروع إصلاح سوق العمل وما بينته دراسة شركة مكنزي وما أعلنته في تقريرها وأهم ما تضمنه:

  • إن عدد العاطلين حينها 20 ألف عاطل وبنسبة تفوق الـ 16% ، هذا عدا غيرهم الكثير ممن  يعملون دون رضى وظيفي، بسبب الاجور المتدنية وخلافه، وسيبلغ العاطلون العام 2013، 70 ألف عاطل على أقل تقدير إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
  • بيّنت الدراسة أن القطاع الخاص أوجد 84 الف وظيفة خلال اثنتي عشرة سنة الماضية 80% منها بأجر لا يتعدى 200 دينار، ثلثا تلك الوظائف من نصيب العمالة الوافدة.
  • إذا استمر القطاع الخاص بهذا المنوال فإنه فقط سيتمكن من إيجاد 800 فرصة عمل فقط سنويا واننا نحتاج في خلال السنوات من2003 الى 2013  إلى 100 ألف فرصة عمل.
  • بينت أن القطاع العام المدني لم يعد باستطاعته خلق فرص عمل جديدة، وأنه طيلة العشر سنوات المقبلة لن يستطع سوى استيعاب 2 في المئة من الوظائف.
  • إن العمالة السائبة في تلك الفترة حوالي 70 ألف رخصة.

بعد ما يقارب العشرين سنة على هذه الدراسة والتي تبنتها الدولة وتعهدت بالعمل على وضع الخطط والبرامج لتضمن أفضل الحلول فهل نجحنا في ذلك ام اننا عدنا الى تدوير المشكلة؟

من المعروف ان حل أي مشكلة يتم من خلال معالجة مسبباتها فأيننا من هذه المعالجات، فلازالت سياسات سوق العمل باعتمادها على العمالة الوافدة واستحواذ هذه العمالة الساحق على معظم  فرص العمل وبنسب تفوق ما كان قبل عقدين من الزمن، وما يزيد الطين بلة هو توجه الدولة لتقليص دور القطاع العام ما يضيق هامش توفير فرص عمل للمواطنين في سوق عمل مفتوح بدون ضوابط وبشروط مجحفة للعامل عامة وللعامل من المواطنين خاصة.

الانفتاح أكثر مما مضى على العمالة الوافدة والغاء نسب البحرنة وتراجع نسب البحرنة حتى في الشركات الحكومية مثل “بابكو” و”ألبا” وغيرها ممن كانت العمالة البحرينية كادت أن تصل إلى نسب تقارب من 100%، وتراجع هذه النسب رغم عمر هذه الشركات التي تصل في بعضها لما قبل الاستقلال، بدلاً من معالجة مسببات تفشي ظاهرة العمالة السائبة تم تقنينها بحيث ازدادت اعدادها وازداد تأثيرها السلبي على البلد والمواطنين، ولا يزال الاقتصاد وخطط الدولة والقطاع الخاص موجهاً للاستثمار العقاري او المالي وهذه القطاعات لا يمكنها من توفير فرص عمل مستدامة للعمالة الوطنية.

اننا على قناعة أن نسبة البطالة يعرفها ويعايشها الجميع وهى لا تنحصر في الأرقام، بل في معاناة مواطنين ومقدرات بشرية للبلد تهدر، فالمواطنون الذين يكتوون بنار البطالة بحيث لم يعد هناك بيت دون أن يكون به عاطل وأكثر، كذلك الجانب الرسمي الذي يصدر بين فينة وأخرى أرقاماً فلكية في التوظيف وهو يملك الإحصائيات الدقيقة عن عدد العاطلين من خلال أعداد الداخلين لسوق العمل من خريجي الجامعات والمدارس، وما تمّ استيعابه سواء في القطاع المدني أو العسكري أو العمل في القطاع الخاص من جهة، ومن بقى على رصيف البطالة ينتظر الفرج وهم الأكثرية، ويقدرون بالآلاف سنوياً،  فما تبينه إحصائيات هيئة التأمين الاجتماعي أن معدل من يتمّ التأمين عليهم لأول مرة سنوياً يتراوح ما بين الـ 5 آلاف و 6 آلاف فرد في السنوات الأخيرة، في حين أن من يتخرج من الجامعات والمدارس يفوق الـ 13 ألف شاب وشابة.

من المعروف أنّ حل أي مشكلة يتم من خلال معالجة مسبباتها، فأيننا من هذه المعالجات، فيما نحن سائرون وبنفس النهج الذي أوجدها ويفاقمها يوم بعد آخر!!