“احتواء مؤسسات المجتمع المدني تارة بالترهيب وتارة بخلق منظمات تابعة … لا يلغي أو يخفي جوهر القضية في حق المواطنين أن يكون صوتهم مسموع بطريقة أو بأخرى ..” هذا النص مقتبس من خبر نشره النائب السابق الأستاذ السيد فلاح هاشم حول اعتصام مجموعة من المواطنين أمام مقر التأمينات الإجتماعية في 18 أبريل 2023 .
دخل قانون التقاعد الجديد سيئ الصيت حيز التنفيذ في 19 أبريل 2023، تزامناً مع ذكرى يوم العمال العالمي، وكنا قبل عامين خلال مشاركتنا بإحتفالية المنبر التقدمي بمناسبة يوم العمال قد حذّرنا من تبعات مقترح تعديل قانون التقاعد وآثاره الكارثية على المجتمع البحريني والذي يعاني أصلاً من أزمات عديدة لا تتحمل أي تراجعات في الحقوق والمكتسبات التي تآكلت بالفترة الماضية، وإذا ما أضفنا عليها تضاعف تكاليف المعيشة بسبب التضخم العالمي والتضخم المحلي بسبب جشع بعض التجار وإقرار الضريبة المضافة ثم مضاعفتها، وما تعانيه معظم الأسر البحرينية بسبب أزمة البطالة التي تواجه الشباب ممن تتبدد طاقاتهم بسبب الاحباط عندما لا تتحقق تطلعاتهم في فرص العمل، عند اجتماع تلك الأسباب وغيرها من الصعوبات التي تشكل تحدياً يهدد المجتمع البحريني في الصميم، فإننا ندرك اليوم مدى خطورة الموقف الذي لا يحتمل التأجيل في إيجاد الحلول الجذرية لتدارك ما يمكن تداركه بدل البكاء على اللبن المسكوب .
وحيث أن أول خطوة لعلاج معضلة ما تتطلب الإعتراف بوجود هذه المعضلة أساساً، فإننا جميعاً مسؤولون عما وصلت إليه الحالة الراهنة، ولا يمكن التهرب من هذه المسؤولية خاصة من النقابيين والنشطاء بالعمل النقابي، حيث أن غياب الدور الحقيقي والفعال لممثلي العمال عن المشهد العام لأي سبب كان، هو خيانة للأمانة والمسؤولية التي وضعها على عاتقنا من اختارنا لتمثيلهم وصون حقوقهم وإيصال صوتهم على جميع المستويات .
وقد جاء في المرسوم بقانون رقم (33) لسنة 2002م بإصدار قانون النقابات العمالية والتعديلات اللاحقة عليه في المادة رقم (9) : “يباشر الاتحاد النقابي الاختصاصات الآتية
“د. المشاركة في وضع الاستراتيجيات العمالية مع الجهات المختصة وتعزيز الحوار االجتماعي مع الجهات المعنية.
هـ. المشاركة في المجالس واللجان المعنية بشئون العمل والعمال”.
يتبين لنا عند مراجعة نص القانون بأن الاتحادات النقابية تعنى بشؤون وقضايا العمال على المستوى الوطني، فهل يا ترى كان هذا الدور المطلوب يرقى لحجم المسؤولية؟ وهل استطاعت هذه الاتحادات تجنيب العمال والمتقاعدين من كارثة تعديلات قانون التقاعد؟
بالرغم من غياب الدور المؤثر والفعال لهذه الاتحادات عن المشهد بهذه القضية المحورية والتي تمس المجتمع البحريني، فقد حاولت بعض النقابات ومنها نقابتنا التحرك للتصدي لهذا المقترح، وكانت اجتماعاتنا مع نواب الفصل التشريعي الخامس واتصالاتنا المتكررة للحيلولة دون وقوع الضررتزامناً لتحرك بعض النقابات التي حملت على عاتقها المسؤولية في حينه وأصدرت بيانات مشتركة، ولا ننسى موقف أعضاء كتلة “تقدّم” في حينه الرافض لهذا المقترح، إلا أنه ولعدة أسباب ومنها تخاذل المؤسسات المعنية عن القيام بدورها كما هو واضح بنص القانون اعلاه، كان ان وقع ما كنا جميعاً نخشى وقوعه.
لن تكون هذه آخر الأزمات، فنحن اليوم لم تتكشف لنا التبعات السلبية والتي سوف تأتي تباعاً جراء هذا القانون، وسوف لن تكون هذه آخر المصائب ما لم تأخذ النقابات الحقيقية زمام المبادرة للقيام بالواجب الذي تم التفريط به لأسباب نعلمها جميعاً !
أيها العمال، نعتذر لكم عن تقصيرنا وتخاذلنا، فنحن مشغولون! فمن يصلح الملح إذا الملح فسد؟