مرئيات “كتلة تقدم” للميزانية العامة للدولة

0
16

ليس خافياً على غالبية المتابعين للشأن المالي والمعيشي في البحرين سرعة تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين بمختلف شرائحهم، في ظل ارتفاع معدلات تضخم اسعار السلع الاستهلاكية، بشكل اساسي، وجمود مستويات الأجور والرواتب لسنوات، وبالتالي انحدار شرائح مجتمعية مهمة إلى مستويات أقل كثيراً من مستوياتها المعهودة، واستمرار المواطنين في البحث عن بدائل لمعالجة أوضاع أسرهم المعيشية، يزيد ذلك سوءا تفاقم معدلات البطالة وغياب الرؤية الواضحة لدى الحكومة في تحقيق اختراقات فعلية تفضي الى زيادة فرص ابناء الوطن في الحصول على فرص عمل من شأنها أن تخلق التوازن المطلوب في سوق العمل المختل أصلاً لصالح العمالة المهاجرة، نتيجة عدم وجود حلول موضوعية طيلة السنوات الماضية،  وعدم اعتراف فعلي من قبل الحكومة بالمعدلات الحقيقية للبطالة، وخسارة الألآف من فرص العمل لصالح الأيدي العاملة المهاجرة،  لذلك يصبح من الطبيعي جداً، وفي ظل وجود هكذا معطيات أن  يبدو المشهد العام لفرص تحقيق تحسن مقبول لمستويات المعيشية للمواطنين في ظل ما هو مقدم من معطيات أمراً متعذراً بالفعل!.

لهذه الاسباب وغيرها يعوّل الكثير من المواطنين على أن تفضي المناقشات الدائرة حول الميزانية العامة للسنتين الماليتين2023 – 2024 بين السلطتين التشريعية ممثلة في مجلسي النواب والشورى من جهة، والحكومة من جهة أخرى، إلى تحقيق بعض النجاحات لصالح اعادة التوازن لحالة الأوضاع المعيشية للمواطنين  بشكل عام والوضع الاقتصادي برمته. 

لقد بات الوضع المعيشي والاقتصادي المتدهور للمواطنين لا يحتمل المكابرة أبداً او حتى الهروب بعيداً عن ملامسة تلك الحلول المرجوة، فذلك أمر ربما يكون ممكنا في بعض جوانبه في هذه الفترة بالذات، خاصة مع تحسن أسعار النفط  ومعدّلات النمو المعلنة، وبالتالي زيادة ايرادات الدولة بشكل عام، والتحسب جيدا لتداعيات ذلك الهروب على جملة الأوضاع المعيشية، وبالتالي انعكاساتها المباشرة على حالة الاستقرار  والرضا المجتمعي ومعدلات النمو ذاتها.

يكفي أن نقول إن مجرد تدارك جوانب القصور  العديدة المتوافرة حالياً في مشروع الميزانية  محل النقاش بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، في حال تمّ الإصغاء لها جيداً من قبل الحكومة، فبإمكان ذلك أن يصلح الكثير من مجريات الأوضاع المعيشية والاقتصادية وسيزيد ذلك حتما من معدلات النمو ويحسن من حالة الأوضاع الاقتصادية بشكل افضل. 

 الميزانية بوضعها الحالي تحتاج إلى معالجات عاجلة لا تحتمل التأجيل، وحتى يصبح مشروع التوازن المالي المطلوب منطلقاً أساساً من اعادة هيكلة الميزانية بشكل أكبر من مجرد الحديث عن معالجة العجز في الموزانة والذي من الواضح جداً أنه ينحو  فقط باتجاه  التكيّف مع تداعيات ما أحدثته السنوات الماضية من ارتفاع غير مقبول في المديونية العامة للدولة، حتى ولو كان ذلك فقط على كاهل إرهاق المواطنين بالضرائب، دون الالتفات حتى اللحظة إلى ضرورة فرض ضرائب على الشركات الكبرى والاستثمارات الخارجية كما فعلت وتفعل معظم دول الجوار!

يضاف إلى ذلك عدم الاصغاء جيداً لضرورة زيادة ايرادات المشاريع الانتاجية، وإستسهال التضخم الحاصل في أجهزة وإدارات الدولة وتشعباتها، في مقابل  التحفظ الشديد حول رفع سعر النفط في الميزانية التقديرية للبلاد  والاستمرار في حديث غير مقنع عن خفض النفقات، وكأن النفقات هي فقط أجور العاملين في أجهزة الدولة الذين يراد اخراجهم من جداول الرواتب الحكومية وتحميل الصناديق التقاعدية  المتدهورة أصلا بكلف مضاعفة تزيد من تدهورها القائم، في حين لازالت النفقات الأمنية والعسكرية التي تشكل اكثر من 40% من ميزانية المصروفات على حالها دون تغيير، وبشكل لا يقبل مجرد المراجعة للأسف!! حتى في ظل حالة الاستقرار الأمني القائمة وتحسن الأوضاع السياسية إقليميا لصالح مزيد من الاستقرار والتعاون، والذي يفترض أن يكون مدخلاً لإعادة جدولة مدروسة لكافة وجوه الإنفاق وفي مقدمتها الإنفاق الأمني دون مبررات موضوعية!!

تلك وغيرها الكثير، مقترحات  تقدّمت بها كتلة تقدّم البرلمانية كمرئيات يجب الالتفات إليها سريعا ونحن نناقش جديّاً اهم مشروع مطروح على طاولة النقاش بين السلطتين التشريعية والتنفيذية منطلقين من مسؤلياتنا  السياسية والوطنية تجاه ما نأمله لبلادنا الحبيبة، إسهاما منا في رفد توجهات الدولة لتحقيق الغايات الوطنية ووضع المعالجات المرجوة لتصحيح مكامن الخلل الواضحة بحسّ ومسؤولية وطنية.