كان هذا العدد من “التقدمي” على وشك الطباعة حين صدمنا جميعًا خبر رحيل رفيقنا القائد الوطني البارز، والرئيس الفخري لمنبرنا التقدمي، المناضل أحمد الشملان بعد معاناة مع المرض استمرت أكثر من شهرين، وسنخصص ملفًا كبيرًا عن حياة ونضال فقيدنا الغالي في عددنا القادم، سنسعى فيه، ما أمكننا، أن نسلط الأضواء على محطّات حياته الثريّة متعددة الأوجه.
لقد كانت الجنازة الكبيرة للرفيق أحمد الشملان وعزاؤه دليلًا ساطعًا على مكانته الكبيرة في نفوس أبناء وبنات شعبه، وما يحظى به من محبّة وتقدير داخل البحرين وخارجها، حيث شارك في التشييع والعزاء ايضًا أشقاء من بلدان خليجيّة أخرى، بينهم وفد الحركة التقدميّة الكويتيّة، ودلّ على ذلك أيضًا حجم ما تلقته عائلته ورفاقه في المنبر التقدمي من تعازٍ من أحزاب وهيئات وشخصيات وطنيّة وقوميّة وتقدّميّة عربيّة، كما أصدرت جمعيات سياسيّة بحرينيّة تمثل اتجاهات مختلفة بيانات تنعى فيها الفقيد، وتُعدّد مآثره الوطنيّة والكفاحيّة.
أظهر كل ذلك أن أحمد الشملان شخصية وطنيّة جامعة، بتضحياته الغالية، بالسنوات الطوال التي قضاها في المعتقلات والسجون عدة مرات منذ ستينيات حتى تسعينيات القرن الماضي، فضلًا عن سنوات المنافي والغربة، دون أن ينال ذلك من إرادته وتمسكّه بموقفه الوطني الشجاع ونضاله من أجل حرية الوطن واستقلاله، ومن أجل حقوق شعبه في الديمقراطية والعدالة والحقوق الكريمة، وكان في مثال ذلك مثال المناضل العابر للطوائف والعصبيّات، والمنحاز لكل ما يُوحد شعبه ويجمعه في النضال من أجل وطنٍ حر وشعبٍ سعيد، تكون الوحدة الوطنيّة الراسخة هي أحد مرتكزاته الراسخة.
وكتجسيد حي بالأفعال والتضحيات، لا بالأقوال، شارك أحمد الشملان بكل شجاعة في كافة المحطات النضاليّة التي عرفتها البحرين خلال أكثر من نصف قرن، منذ أن انخرط، وهو شاب يافع، في انتفاضة مارس 1965، وما تلاها من تحركات سياسيّة ومطلبيّة وحقوقيّة، ولم ينل المرض الذي نال منه في منتصف التسعيينات بعد اصابته بجلطة دماغية من عزيمته، وظلّ بكل ما يمثله من مهابة وطنيّة ومكانة رمزيّة كفاحيّة مهمة حاضرًا في حياتنا السياسيّة، من خلال دوره كرئيس فخري للمنبر التقدمي منذ تأسيسه، وهو بهذه المواقف وبهذا الإرث النضالي الثري سيظلّ القدوة والملهم لكل الساعين للحق والعدالة والكرامة في وطننا.