قبل فوات الأوان
قبل 15 عاماً، تحديداً في شهر يوليو من العام 2008 حذّرت دراسة ميدانية لهيئة تنظيم سوق العمل من أن العمالة الوافدة إلى البحرين (غير مرضية وتؤدي إلى وقوعها في فخ المديونية المزمنة)، فما بالك بظهور ممارسات غير إنسانية من جميع النواحي من حيث عدم الإلمام بسلوك وملفات العمالة الوافدة، حيث تفتقد لمراعاة اشتراطات جلب هذه العمالة، وقد أظهرت إحدى الشركات الدولية في دراسة لصالح الهيئة حول أوضاع العمالة الأجنبية في البحرين آنذاك، أن 40% من العمالة الوافدة تعمل نحو 60 ساعة اسبوعياً، حيث يفوق متوسط ساعات العمل لدى دول منظمة التعاون الاقتصادي البالغة 32 ساعة، وكشفت الدراسة إن 68% من العمال لم يتعرفوا على أي نوع من إجراءات السلامة في مواقع العمل، وإن ما يقارب 38% يعملون في وظائف ليست لها علاقة بخبراتهم، كما أوضحت الدراسة طبيعة الصعوبات التي تعترض أصحاب الأعمال في عملية تشغيلهم للعمالة الوافدة.
إن موضوع العمالة الوافدة أصبح اليوم عبئاً ليس على العمالة المواطنة فحسب، بل على الحكومة التي لا تبالي لتصاعد هذه الازمة التي انعكست على كل الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية، ولم تحرك الجهات المعنية أي ساكن رغم بلوغ الخطر الدامغ ذروته، وأصبح الموضوع أكثر اثارة للجدل، كما أصبح مطروحاً في كل المجالس، وتستنكره الغالبية، واصبح الكل يبحث عن منبر ليدلي باحتجاجه، وأصبحت عامة الناس تتحدث بلغة الأرقام لإدراكها للالتواءات والمبررات المفضوحة التي لم تبلغ هذه التشنجات في تاريخ الاحتجاج السلمي (بالتي هي احسن).
قبل أقل من شهرين، تحديداً 5 أبريل 2023 حذرت هيئة تنظيم سوق العمل المواطنين والمقيمين من التعامل مع أي وكالات او مكاتب او وسطاء غير قانونيين او غير مرخص لهم من قبل الهيئة، وذلك تجنباً لأي تداعيات قانونية او اجتماعية او صحية، بيد أن هناك أسباباً تحفز العمالة على ترك العمل، وخصوصاً عند خدم المنازل، وذلك بعد تزايد الشكاوى عن العديد من السلبيات مثل الأمراض والعنف وسوء الأخلاق وغيرها.
إن ظروف استقدام العمالة الوافدة مخالفة للمعايير القانونية على المستويين المحلي والدولي، بينها عدم وضوح من حيث المعلومات، وتبيان الحقائق عن ممارسة استقدام العمالة الوافدة من ناحية الاطلاع على مسلكياتها، الأمر الذي اذى إلى الاصطدام بواقع أمني وأخلاقي، حيث تبين للمجتمع بأن استقدام العمالة بهذه الصورة ينمّ عن عدم مبالاة، حتى أن العملية أصبحت صدمة للجميع، ولا يصح السكوت عن تجاهل الجهات المعنية للموضوع وعدم اتخاذها الإجراء اللازم، كأزمة يتحتم معالجتها قبل وصولها إلى سقف أعلى من التأزم ينتظرها، ويجري حديث عن عمليات مسح ستأخذ طريقها للوقوف على هذه الازمة التي أصابت الجميع بخيبة أمل ، فعسى أن يكون الآتي خيراً قبل فوات الأوان.
حلم الشعوب
ليس حلماً أن تتخلى البشرية عن الحروب والعنصريات والطائفيات والإثنيات وحتى القوميّات، وتتوجه بصدقية ومحبة وإخلاص لتسخر كل موارد الأرض من طاقات حيوية، كالغاز والنفط والمعادن، لمواصلة التطورات الصناعية في مجالات العلم والبحوث وذلك لراحة الانسان، وهي المهمة التي يبدع فيها الإنسان الصيني والروسي والألماني والياباني وغيرهم، لكن للأسف هناك دول لا تزال يتحكم في قيادتها أفراد معدودون، تعمل بعقلية أنانية شبيهة بعقلية القرون الوسطى، تنهب وتستعبد وتستعمر الشعوب، لتستولي على طاقات وثروات الآخرين، لتتنعم وتعيش لذاتها تاركة الشعوب تعيش في قحط وشحّة لدرجة التصحر.
للأسف هذه الدول تمتلك الكثير من العلماء الذين أبدعوا في شتى المجالات، كغزو الفضاء والتطور التقني الذي وصل إلى قفزات تقنية هائلة كفيلة براحة الانسان لولا أنانيتها، وها هي اليوم أصبحت تدّمر الانسان وموارده وتقتل فيه كل نفحة تطور، وتجيّر حتى أنشطة الطبيعة للتدمير الشامل والواسع، بدلاً من استخدامها وتسخيرها لتطوير ونفع البشرية، وما جريمة جائحة كورونا (كوفيد19) إلا دليلاً ساطعاً وسافراً، حيث اتضحت معالمها أكثر بعد القاء القبض على مرتزقة (الناتو) بقيادة الولايات المتحدة الامريكية المتحصنين في طوق (ماريوبول) في أوكرانيا، رغم المسارعة في اتلاف الملفات والحواسيب، الدليل الدامغ على تصنيع الفايروسات الفتّاكة على يد الكثير من العلماء والعاملين تحت قيادة الحكومة الامريكية التي يرعاها جهاز الاستخبارات المركزية الامريكية (C.I.A).
لقد سعت الإمبريالية الأمريكية إلى تدمير الشعوب حباً في تكريس المال ونيل العظمة، لكنها بهذه الجرائم تحفر قبرها بيديها، واليوم أصبحت الدول الإمبريالية تنهب وتستغل وتتآمر بصورة سافرة، وتلعب على المكشوف لأن كل أعمالها باتت واضحة لدى الشعوب، حتى وإن ظلت أشياء لم تتضح بعد.
لقد عزّز هذا السلوك انتصارات ونقداً صريحاً لدى الكثير من دول العالم، بعد اتخاذ خطوات أمريكية باستخدام عمليات ضد البشرية، حيث تصريح علماء يعملون في مختبرات للأسلحة الكيماوية بتدريب نحل يكشف المتفجرات، وضعت النحل الذي ينتج غذاء للبشر لتحشره فعالاً للأعمال العسكرية، أنها تعبث بكل شيء وتعسكره لمصالحها، حيث استخدمت هذه العملية في حربها ضد العراقيين الذين استبسلوا في الدفاع عن وطنهم، حتى أن استطلاعاً للرأي العام في ألمانيا أظهر أن نسبة 47% اعتبروا الرئيس الأمريكي الأسبق بوش الذي غزا العراق أخطر رئيس يهدد العالم ويحرض على الحرب بدل السلام.