دور السوق في تقويم المشاريع الزراعية

0
18

تعتبر المشاريع الزراعية صمام الأمان للمزارعين الصغار الراغبين في زيادة الإنتاج بتطوير الأنظمة الزراعية الحديثة بمساعدات الائتمان الزراعي من البنوك الزراعية الوطنية أو حتى من المنظمات الزراعية بعمل دراسات قبل المشروع وبعد التطوير وحساب العائد المالي من خلال التحليل المالي والعائد الاقتصادي على المجتمع، حيث يعتبر القطاع الزراعي قطاعاً انتاجياً هاماً في الاقتصاد الوطني، قطاعاً منتجاً للخيرات المادية حيث تقوم علية كثير من الصناعات الغذائية، أما حاليا كثير من الدول الصناعية تسعى لتحويل غذاء الإنسان مع زيادة الطلب على الغذاء وزيادة المجاعة تحويله إلى صناعة الطاقة الحيوية بهذا العمل تنافس الصناعات النفطية الحفروي (الصخري) العالمي ومشتقاته.

تمعنّا في دراسات السياسات الزراعية في عقد الثمانينات للبحرين الصادر من المنظمة العربية للتنمية الزراعية التابعة لجامعة الدول العربية في ديسمبر (كانون أول) 1994 حول سياسة الأمن الغذائي، حيث تتناول تطوير السياسات التي حدثت فيها تغيرات جدرية على مجمل النشاط الاقتصادي في منطقة الخليج والمناطق العربية، انعكس على أداء القطاعات الزراعية بصفة خاصة ووزارة التجارة والزراعة في تلك الفترة الزمنية، إذ وضعت البحرين مهمة تطوير القطاع الزراعي في خطة خمسية 1981 الى 1986 (اغسطس 1980). وغرض هذه الخطة حل مشكلة الوضع الزراعي، وتغيير الخارطة الزراعية نحو الأفضل لتحقيق المنافع الصحية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية بغرض دفع عجلة التنمية نحو الأمام باستقلال الجز المعطل بالاستثمارات في هذا القطاع بضخ الأموال الحكومية والخاصة، ومع ظهور مجلس التعاون الخليجي وظهور اتحاد دول المغرب العربي، صار التغيير والتحوّل من سياسات التخطيط المركزي إلى سياسات الاحتكام إلى قوى  السوق في تسير الاقتصاد ونتج عن سياسة الاحتكام للسوق أثر سلبي على السياسات الزراعية ومن أهمها سياسة الأمن الغذائي والسياسات التجارية الخارجية للسلع والمنتجات الزراعية.

لقد تركزت خطط التنمية الاقتصادية على تنوّع الاقتصاد الوطني وذلك من خلال دعم القطاعات المختلفة وأهمها رفع الانتاجية من المشاريع المنتجة في مجال الزراعة في دول العالم الثالث رغم محدودية الموارد الطبيعية، بل برامج الدول المصدرة للمنتجات الزراعية عقدت في التسعينات مؤتمر منظمة الاغذية والزراعة في روما عاصمة إيطاليا، وأقرّ المؤتمر بحد دعم مستلزمات الانتاج وتقليل الإعانات الزراعية للمنتجين الزراعيين في دول اوروبا حسب شروط وفترة زمنية، حتى يأتي دور الدول النامية، مع وضع تصوّر  تطبيق التعرفة الجمركية وهذا يحتاج لموضوع بحث اخر للنظر والمناقشة.

مع بداية عام 1995 حصل تغيّر في أسعار منتجات حبوب رئيسية غذائية للبشر وعلفية لحيوانات المزرعة،  بعض الدول المنتجة والمصدرة للغذاء  قللت من تصدير منتجاتها  من الحبوب، بل تحوّل الغذاء من بعض المحاصيل الرئيسية الضرورية للبشر الى منتجات صناعة  الطاقة، متدرعة و مبرر بالاستعاضة عن الذهب الاسود (النفط) تشغيل السيارات وانبعاث غاز الكربون الى طاقة نباتية أمنة من ظهور الغازات المولدة لتلوث البيئة وهكذا تقنع العالم الفقير من دول اسيا وافريقية ذات المجاعة المليونية بفكرة استخدام الوسائل البديلة للوقود الحفروي باستخدامه وقود للسيارات والمكائن اخرى، اتجهت هذه الدول في انتاج الوقود الحيوي من النباتات بإنتاج  الإيثانول أو (بيوغاز Biogas) متدرعة بان الطاقة هي المحرك الرئيسي لاقتصاد جميع العالم خصوصا بعد العملية الروسية في أوكرانيا ومقاطعة البترول والغاز الروسي وهذا ليس حلاً لأزمة الوقود في دول اوروبا واستولت على القمح الأوكراني بغرض زيادة تصنيع الوقود الحيوي.

تسعى جميع دول العالم لتأمين جميع مصادر الطاقة للحفاظ على مستوى معدلات نمو مرتفعة من الطاقة وتشير الدراسات إلى أن انتاج النفط سوف يصل للقمة خلال سنوات قليلة للتخلص من أنظمة الطاقة الحالية لأنها تسبب مشاكل عديدة للبيئة مما يترتب علية من احتباس حراري يسبب مشاكل البيئة الصحية.

الوقود الحيوي يعتمد على غذاء البشر، ومنها عالمنا الصغير النامي الفقير الضعيف، حيث ينتج من المنتجات الزراعية التي تحتوي على النشا بما فيها الحبوب والبقول والنباتات الدرنية المنتجة في دول اوروبا بكميات كبيرة أو من النباتات المنتجة في دول افريقية منها السودان ودول امريكا اللاتينية البرازيل وهذه الدول تنتج السكريات من قصب السكر ومن دول اوروبا الشرقية منتجة للبنجر السكري.

هل الكل عنده علم أن انتاج الوقود الحيوي من النباتات يكون له انعكاسات سلبية على الدول المستوردة لهذه المنتجات من القمح (خبز البشر) والذرة (علف الحيوانات) وانعكاسات على امدادات وعرض الغذاء في العالم بصفة عامة.

  • إنتاج الوقود الحيوي يزداد عالمياً ولم يتوقف للوقت الحاضر.
  • تحليل السياسات الخاصة لأهم الدول المنتجة للوقود الحيوي وانعكاساتها على طلب الغذاء في الدول النامية.
  • الأسعار من السلع الزراعية وربطها بالمستقبل حيث تعتمد الدراسة على توضيح أثر زيادة انتاج الوقود الحيوي على الأسعار العالمية للسلع الغذائية.

تقنية ومصادر إنتاج الوقود الحيوي

الوقود الحيوي يعرف بيو فيول Bio Fuel  ذلك المنتج الذي يتم استخلاصه بطرق مختلفة من مصادر حيوية ينتج بطرق مختلفة من مصادر نباتية أو حيوانية باستخدام تقنية انتاج الكحول الاثيلي (الايثانول) الذي يستخدم في العديد من الاغراض الطبية والصيدلانية واخيرا يخلط بالجازولين يستعمل وقود للمركبات، وفي عام 1990 تم انتاجه من مصادر نباتية (الايثانول Ethanol  والديزل الحيوي Biodiesel).

يمكن انتاج الوقود الحيوي من أي مصدر نباتي من الكتلة الحيوية والأخشاب ومن مصادر الانتاج النباتية الذرة، القمح، قصب السكر، البنجر السكري، العسل الاسود (المولاس)، الصويا (لحم نباتي)، زيت النخيل، زيت جوز الهند (كحوف النارجيل)، زيت اللفت، الرز، ومن المخلفات النباتية والمخلفات الحيوانية، كلها مصادر زراعية.

تحضير الإيثانول وهو كحول يكون بدرجة نقاوة مختلفة تختلف وفقا لنوع الاستخدام عند اخذ سكر النشا وتحليله (ينتج سائل) يخمر السائل ويقطر نحصل على الايثانول (كحول سريع الاشتعال) هو بنزين يستخدم وقود للسيارات أو يخلط مع الجازولين يسمى الجازوهول .

الديزل الحيوي ينتج من الزيوت النباتية أهم مصادرة زيت فول الصويا، زيت النخيل، زيت جوز الهند، زيت بذور اللفت، (جميعها تصنع من غذاء الانسان والحيوانات) حيث تكسر جزيئات الزيت كيميائيا وتتحول لكحول اثيلي (ايثانول) وكحول مثيلي (ميثانول) مع وجود محفز (هيدروكسيد الصوديوم أو البوتاسيوم) نحصل على الجلسرين + استيرات الأثيل وهي أقل انبعاث للاحتباس الحراري.

للمزيد من المعلومات حول تطوّر الانتاج العالمي من الايثانول والديزل الحيوي اطلع على مصادر أكثر من الدول المستخدمة لمحاصيل الغذاء في صناعة الوقود الحيوي منها الولايات المتحدة الامريكية، البرازيل، الصين، الهند، فرنسا، المانيا، حيث النتيجة النهائية ارتفاع أسعار الغذائية المستخدمة في صنع الوقود الحيوي.

القارئ غير المتخصص يطرح بعض الأسئلة، والمتخصصون يعطون الإجابة وحلول تحت السياسة الزراعية (الأمن الغذائي) كالتالي: الهكتار الواحد ينتج من حبوب القمح الصلب أو القمح الناعم لصناعات دقيق الخبز أو دقيق المعكرونة (طحين رقم 1 أو طحين رقم 2) حسب البلد الزراعي ويحول الى دقيق وطن الدقيق بعد التعبئة في أكياس وزن الكيس 50 كيلو جرام من الدقيق يباع ويصدر للدول المستوردة للغذاء  يكفي الطن الوحد من الدقيق لصناعة عدد كبير من الارغفة  لحل ازمة الغذاء العالمي، حيث تعتبر الولايات المتحدة من أكبر الدول المنتجة من حبوب القمح غذاء البشر وحبوب الذرة علف الحيوان والدواجن حيث لديها اصناف عالية الانتاجية من حنطة المكسيباك (قمح) ومياه الأنهار في بعض الولايات  ولكن تتبع سياسة عدم نزول الأسعار  إما ترمي في البحر أو تحرقه وتعوّض المزارعين الثمن، لكن حالياً يحول الى وقود حيوي حيث يعطي الهكتار من الذرة الصفراء الامريكية حوالي 354 جالون من الايثانول ،والبرازيل تنتج قصب السكر لإنتاج اليثانول حيث ينتج الهكتار من قصب السكر 662 جالون من الايثانول، الصين هكتار الذرة الصفراء ينتج 345جالون من الايثانول، الهند قصب السكر الهكتار ينتج 345 جالون ايثانول، فرنسا هكتار بنجر السكر ينتج 714 جالون ايثانول، وفي بريطانيا كذلك 714، بينما فرنسا واسبانيا وألمانياـ فإن هكتار القمح يعطي 477 جالون ايثانول، وفي هذا  البرهان على أنه  يزداد انتاج الايثانول على حساب غذاء شعوب دول المجاعة افريقيا وأسيا.

أثر زيادة إنتاج الوقود الحيوي على الأسعار العالمية للسلع الغذائية

الملاحظ بشكل عام أن ارتفاع أسعار السلع الغذائية المستخدمة في إنتاج الوقود الحيوي كلها سلع منتجات محاصيل رئيسية تدخل في غذاء الإنسان، مثل القمح لصناعة الخبز والمعكرونة والذرة علف لطيور الدواجن والشعير علف للحيوانات ،البنجر السكري وقصب السكر لصناعة السكر الداخل في صناعة الحلويات فالمتغير في الإنتاج السنوي للوقود الحيوي (الإيثانول ) متغير مؤثر على الأسعار وحياة الناس، كذلك المستخدم السنوي لإنتاج الديزل الحيوي متغير في تربية الحيوان كذلك تغيّر كميات بذور اللفت وفول الصويا يحدث متغيراً في أسعار اللحوم والدواجن. جميع التغيرات مرتبطة مباشرة بأسعار المحاصيل المذكورة، أي زيادة الانتاج العالمي من الايثانول بمقار 10 % يترتب علية زيادة أسعار القمح  العالمي بمقار 2،6%   وزيادة أسعار الذرة بمقار 4،4% وزيادة أسعار الشعير بنسبة 2% وزيادة اسعار السكر بنسبة 1،2 % وأسعار اللحوم حوالي 2،4% وأسعار الدواجن 1،1% وهذا ينطبق على زيادة الإنتاج العالمي من الديزل الحيوي بمقار 10% يترتب علية زيادة أسعار بذور اللفت 0،4% وبذور فول الصويا 2،4% .

في الختام نقول إن العالم يعاني من نقص الغذاء والمياه حيث لا يستطيع أن يحقق الأمن الغذائي والأمن التغذوي ويتجه إلى زيادة المنتج من الوقود الحيوي رغم معرفة الدول المنتجة انهم لا يستطيعون تأمين أكثر من 10 ـ 15 % من احتياجهم للطاقة البديلة عن الوقود المستخرج من دول الاوبك وابك بلس حتى في الأعوام القادمة لغاية 2030.

نحن نعيش في عالم الصراع الطبقي بين الرأسمالية غير المبالية بحياة الشعوب في المحافظة على المياه في تفجير السدود وهدر المياه الضروري للزراعة وتأمين الغذاء والقوى المقاومة من اجل البقاء من الشعوب المضطهدة وهو صراع دموي ينتهي بالقضاء على أحد الطرفين.