نظمت لجنة قضايا المرأة بجمعية فتاة الريف أمسية أدبية بعنوان (قراءة في رواية “بلا وجه”)، للكاتبة والشاعرة نادية الملاح، التي صدرت العام 2020 عن دار الفراشة للنشر والتوزيع، وتقع في 143 صفحة من الحجم المتوسط وتحتوي على عشرة فصول.
قدّم للأمسية عضوتا الجمعية نعيمة السماك وغادة المرزوق، وأقيمت في مقر نادي الشباب بجدحفص، وحضرها لفيف من الأدباء والمهتمين بالشأن الثقافي واعقبتها العديد من المداخلات والأسئلة التي وجهت للكاتبة نادية الملاح، وفي البداية نوهت نعيمة السماك الى أهمية أن تقوم الجمعيات النسائية بنشاط أدبي ثقافي، وخاصة فيما يخص إبداعات المرأة البحرينية. إذ أن المجال الإبداعي لا يقل أهمية عن أي مجال آخر من قضايا المرأة الأساسية.
ومن ثم استعرضت بإيجاز محتوى الفصول العشرة التي تضمنتها الرواية، مركزة على نقطة تماهي الكاتبة بين الحدث العام والحدث الخاص وتماهي أحزان الوطن بأحزان الكاتبة، وحيث أننا جزء لا يتجزأ من احزان هذا الوطن. لذلك أحدثت حادثة نفق المعصيم الواقعة في العام 1990 شرخا كبيرا في ذاكرة وروح الكاتبة: (بالرغم أن طوله لم يكن شئيا يذكر قياسا بنفق الحجيج، الا ان النفق بقي منحوتا في ذاكرتي صورة للموت). كذلك حادثة الطائرة المنكوبة التي تغرق في البحر، فيبتلع الأحبة في قلبه. وصدمتها في ذلك البحر الذي تحبه وتقضي ساعات الغروب تتأمله. ولم تتصوره يوماً أن يكون جائعا غاضباً: (أمام البحر يحتضنني رمل الشاطئ الدافئ. أتأمله هذا الغريب العميق. الذي يجتث من نفسي سقمها مع كل موجه. صرت كثيراً ما أمازج بين زرقته وزرقة الشرفة التي كثيراً ما جمعت بيني وبين ماهر. كنت ألجأ إلى البحر كلما ضاقت نفسي واستمتع بمنظر الغروب. أما الآن فصرت أقصده لأتأمل توحشه المستتر خلف هذه الهدأة. وفي فصل تواطئ الحلم مع الشمس).
تكشف الملاح عن مقدار الصدمة في قوانين وأعراف المجتمع، الذي يظهر شيئاً ويتصرف بشكل آخر مغاير جداً مما يتصنع به: (أمام كل الوجوه كنت أبحث عن وجه حقيقي، لا يلامسه الزيف بالألوان والتقبيح. كان هو يتوسط شبيهين له ومسمار الشرع يثبتهم على أخشاب كراسي أكثر أنسنه منهم. وتلك العمامة المطرقة التي يدكون بها أقدارنا. انا ومن يشبهني في هذا المجتمع السقيم الذي يتلاعب بمصيره هذا المتشدق بالدين وأمثاله).
وفي بوصلة تكشف الكاتبة عن معاناة المرأة بالتي تتعرض للعنف الأسري من قبل الرجل أو الزوج: (غادرت المستشفى والجرح لا يجبره شيء. وحين استبدت الأوجاع بالنساء في قريتنا صرن أكثر قدرة على متابعة حقوقهن داخل القرية. أكره جسدي كلما تذكرت ذلك العجوز الوقح. مد يده تحت ملابسي. شعرت بأصابعه اللعينة بين فخذي حاولت الصراخ فلم أستطع).
الغرب، القرية الغربية، والجهة الغربية هي جهد الفقد، جهة غربة الروح واللذين يذهبون إليها لا يعودون كما هم أو لا يعودون أبداً. أعتدنا أن الغرب غياب وكل من يتوجه نحوه لا يعود هو هو، وقد لا يعود.
(يا ابنتي: هؤلاء يقصدون مكة المكرمة. يسافرون الى الغرب. وفي فصل فوق الرمل يدفنون. سأصطحبه بكرسيه المتحرك الى حفل التكريم. لأهديه نجاحي، لأمنحه أن يفتخر بأبنته العنيدة المتمردة، التي قد تتمرد على الكون بأسره. لكنها لا تعاند في حبه والامتنان له. لم يتلاش صوته من ذاكرتي. صار سور المقبرة الغربي ملاذي، كأن القدر يأبى الا يذكرني بغدر هذه الجهة الملعونة. لم يسافر ابي الى الغرب، ولم تبتلعه وساوسه. لكنه بات في ثوبه الأبيض بمحاذاة السور الغربي).