كان الاحتفال باليوم الدولي للشباب مصدراً للتصريحات الرسمية والأهلية والبيانات الصحفية التي ملأت الصفحات الورقية والافتراضية، ورغم اختلاف مصادرها وعناوينها الرئيسية إلا أنها اتفقت على أن الشباب ركيزة المستقبل ومحركه الأساس.
العبارات المبتذلة التي تسطر مناسبة تُعنى بالشباب عادة ما تثير حنق هؤلاء الشباب، لأنها لا تخرج عن الأوراق التي طبعت عليها تلك البيانات، فلا أحد منهم يُصدّقها أو يعيرها اهتماماً، فهي وإن تحدثت عن همومهم وغمومهم وأحلامهم وأمانيهم إلا أنها لا تخرج عن كونها حروفاً متراصة الأسطر في الصفحات، وما أكثرها.
هموم الشباب تختلف يوماً بعد يوم، وكل مرحلة عمرية لها خصوصيتها عن أختها، ولا يمكن الجمع بين الشباب ومساواتهم في الاهتمامات والاتجاهات، وعليه فإن الاهتمام بالشباب يبدأ بالاستماع إليهم جميعاً باختلاف تطلعاتهم، والأمنيات التي يريدون للوطن أن يشاركهم تحقيقها، ليس للوطن أذن مسموعة لشباب دون الآخر، في المقابل ليس للشباب وطنان يتخيران بينهما، فهي علاقة مشتركة بين الجانبين يسند الوطن ذراعه على الشباب وهم بدورهم على قدر الحمل والمسؤولية.
إيلاء الشباب المساحات اللازمة للتحرك والتفكير والتفاعل سيخرجهم دون شك من صندوق عدم الاكتراث ليندمجوا في المجتمع كعناصر نشطة، وهو ما يتطلب كسر القوالب النمطية التي يوضع فيها الشباب خلال وبعيد مرحلته الدراسية. يتخرج الشباب ويتولد لديه همّ العمل والوظيفة المناسبة، ثم يبدأ مسلسل الزواج وما يصاحب هذا المشروع من مهام عصيبة، ثم تأتي مرحلة الإسكان ورحلة البحث عن بيت العائلة. كلها حلقات متعاقبة يدخل فيها الشباب ولا يخرج منها إلا وقد شاب وغزا الأبيض شعره.
ترجمة البيانات يجب أن تكون صادقة، ومقياس ذاك الصدق هو أن يستقبل الشباب مثل هذه البيانات باهتمام وعناية، ويتحقق ذلك حينما يجد الشباب من يصغي إليهم من الجهات الرسمية، فحضور الشباب في مصنع القرار يجب ان يكون حضوراً حقيقياً فعالاً يفكر وينفذ وينتج ويغير، كما أن الحضور الأهلي وتمكين مؤسسات المجتمع المدني لها ذات الأهمية لحضور المؤسسات الرسمية ولا يمكن أن يكون المجتمع صحياً دون مؤسسات أهلية نشطة ومجتمع مدني محترك ومتفاعل مع محيطه.