التطوير المنهجي

0
19

تطوير المناهج

إن ارتقاء الوعي الاجتماعي واتساعه مرهون بتطور العلوم المنهجية التي تُقدّم لطلبة المدارس، كونها الطور الأول للارتقاء في تلقي التعليم، ولن يتمتع الطالب بوعي اجتماعي خلاق إلا إذا كانت المناهج تحمل تعاليم مبنية على أسس تربوية صحيحة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالسلوك الاجتماعي، وبهذا لا بد من نقد صريح واضح للمناهج التي عفى عليها الزمن لتردي منهجيتها في العلوم والتربية، حيث انعكاسها على سلمية البناء في نفسية الطالب وبالتالي انعكاسها على البيئة الاجتماعية المناطة بتشريعات جديدة تناسب المتطلبات الاجتماعية.

هناك خلل يجب معالجته لكي نسلك طرقاً سليمة، والمقصود بذلك التعليم الناجح بغية خلق بيئة اجتماعية سليمة لمستقبل زاهر متحضر نافع.

ان هذه الخطوات تحتاج الى نضج سياسي، للخروج من سلبيات أعاقت الكثير من إيجابيات التطور الذي حرمت منه أجيال، وعليه فإن الجهات المعنية  مطالبة ببذل جهد من أجل أن تصنع وطناً بالتعاون بالطبع مع جمعيات المجتمع المدني التي أنشأت لأجل مواجهة هذه المعضلات، وذلك لبناء صرح تعليمي وتربوي واعي ووضعه على سكة النهضة العمرانية والسمو بركب تقنية المعلومات الذي تخلف العلم عن اللحاق بها، ولابد من وضع استراتيجية لتمكين مراحل خطوها والابتعاد عن العصبيات والعنصرية والطائفية لنضمن مساراً صحياً مستمراً تستنير به الأجيال القادمة جيلاً بعد جيل بقناعة راسخة ثابتة.

اغتيال المواهب

يلجأ البعض ممن يعانون من الخيبة في حياتهم حين يصابون بفشل في رفع مستواهم الثقافي والعملي، حيث لا يستطيعون أداء واجباتهم والقيام بدورهم في رفع مستوى الآخرين، يبحثون عن عيوب وثغرات، وبالذات فيمن يرونه يسعى جاهداً لتطوير ذاته ورفع مستوى الوعي الاجتماعي.

هذه الشريحة في المجتمع يسيئون ويعرقلون المهام دون شعور بالمسؤولية، انهم يعالجون احباطاتهم للتنفيس عن رغبة مكبوتة في افراغ منجزات الآخر وحرمانه من الشروع في بناء وتطلعات المجتمع، وبهذا يقلقون الإنسان ويلغون دوره، رغم انهم لا يتمتعون بمقدرة لكبح منجزات سخرت لخير الإنسان، لأن الطرف الآخر يمتلك القدرة والمرونة في التعامل مع هذه الإشكالات غير المؤثرة.

إن هذا الصنف من الناس لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون عمق ما يقرأ، أي لا يدركون مقصد ما قرأوه، لذى تراهم يتخبطوا في التأويل والأقاويل، فلو تركوا الحقد وبدأوا حياة جميلة وتعاملوا مع الواقع لأنجزوا أشياء مفيدة لمجتمعهم، لأن البعض منهم في دواخلهم صفات طيبة، لكن القسوة والوجع والاضطهاد قادهم لهذه السلوكيات، حيث أفرغوا كل هذه الكوامن من شعور بالألم والقسوة إلى استسلام النفس بالتنفيس عن ذلك في نقد غير صائب، بل نقد من أجل النقد، فتحولوا إلى مزعجين للراحة والاستقرار النفسي، وما سلوكهم هذا إلا نتاج غياب الشعور بأهمية الوعي الاجتماعي، وقد سبق وأن تطرقنا مراراً في مقالات سابقة لتداعيات وخطورة هذا التساهل في التركيز على هذه الملاحظات الهامة، حيث من المحتمل أن يأخذ منحى خطيراً مضاداً يمزق أبناء المجتمع لعدم إدراك حجم التداعيات وما يترتب عليها من سلبيات.

إن المقياس الحقيقي لأي نظرية هو الممارسة في الحياة العملية، وإن نظرية بلا ممارسة حتى لو كانت النظرية مقدسة لن تفلح بمعالجات حقيقية مؤثرة في المجتمع، وفي اتخاذ خطوات ناجحة بعد تصحيح قناعاتها، إلا اذا وضعت برنامجاً ديموقراطياً يسمح للجميع بممارسة حق الاجتهاد بحرية تامة، لكي تستطيع فعلاً أن تثبت جدارة جديتها في اتخاذ قرارات صائبة، كما أن معيار الجدية في عملية الإصلاح الجماعي هو أن يوضع في الحسبان التمسك بالأولويات، بحيث الانتباه والالتفات بأن المذهب يكون ضمن الايديولوجية أو العقيدة والعقيدة ضمن القومية، وذلك لكي لا يكون المسار أعرجاً يسوده التهميش أو الانحياز، حيث استصغار الأفكار والإقلال من الحريات، فهوية الوطن هي المركز.

في خضم هذا التشكيل والعطاء يجب ألا يغيب عن أذهاننا الجوانب الأممية، حيث أن مسارنا النضالي ليس بمعزل عما يجري على الساحة العالمية وارهاصات ما يدور فيها من حروب وتكتلات ومؤامرات.

إن هذه اللفتة لابد أن تبقى ضمن حساباتنا، حيث هناك خصوم يحومون حول كلما نريد أن نحققه لوضع صمام امان يصنع آمال مستقبل لوطننا، ممن يسعون لوأد مبتغانا الذي نسعى جميعاً لتطويره بتكاتفنا.