مفصولو طيران الخليج وحال المراوحة

0
40

في ظل الإنشغالات العديدة للرأي العام في البحرين، برزت إلى السطح مجدداً قضية قيام شركة طيران الخليج بفصل 35 من موظفيها البحرينيين، وهي القضية التي استدعت رفضاً برلمانياً وشعبياً كبيرين، ليس لأنها تحدث للمرة الاولى، حيث أن هذه الشركة ومعها العديد من الشركات الكبرى بكل أسف اعتادت المضي في مثل هذه الممارسات التي تنم عن  عدم احترام وتقدير للكفاءات الوطنية ودورها في مسيرة التنمية بشكل عام، وتطوّر تلك الشركات ذاتها بشكل خاص، فضلاً عن الاحتياجات المعيشية لمن تطالهم اجراءات التسريح.

نعم، نقول عدم احترام للكفاءات الوطنية نظرأ لتكرار عمليات الفصل من قبل هذه الشركة الرائدة، وهي الناقلة الوطنية، نظراً لما صاحب تلك التسريحات من إهانات متعمدة وغطرسة غير مسبوقة في الطريقة التي انتهجتها الشركة تجاه من أفنوا أعمارهم في خدمتها وتطوّرها لسنوات طويلة، وصل بعضها لأكثر من أربعة عقود، حيث قامت الشركة باستدعاءات عاجلة للمسرحين الذين اصطحبوا مخفورين بمعية رجل أمن وممرضة مع استعدادات طبية صاحبت عملية الفصل حتى مرحلة الخروج من البوابة الرئيسة لمبنى الشركة، بحسب أقوال وإفادات المفصولين ذاتهم المتضمنة في محضر الاجتماع الذي دعا اليه على عجل رئيس مجلس النواب وبحضور شخصيات برلمانية، في محاولة لوقف عملية الفصل، وما تلاها من متابعات ومراسلات نيابية مستمرة حتى اللحظة  وعلى أعلى مستوى، رغم تطمينات المسؤولين من خارج مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية طبعاً، لأن الاخيرين هم من تسببوا بالدرجة الأساس في عملية الفصل وبتلك الأساليب غير الأخلاقية والمفتقدة للحس الإنساني المنتظر منهم.

طبعا لازالت قضية هؤلاء المفصولين تراوح مكانها دون حلول جديّة، في ظل رفض الشركة عودتهم لمواقع عملهم السابقة، وبذات الإمتيازات والعقود والعلاوات الممنوحة لهم، مع ضرورة رد الاعتبار لهم، ومحاسبة من تسببوا في إثارة الرأي العام بإساءاتهم للعاملين في الشركة وعلى رأسهم رئيس مجلس الادارة وبقية المسؤولين في الشركة، وهو ما أصرّ عليه بيان وخطاب مجلس النواب المرفوع للحكومة، خاصة وأن الشركة بطريقة التفافية حاولت أن تتذرع بمتطلبات إعادة الهيكلة، كما جاء في بيانها المنشور للرأي العام رداً على بيان وخطاب مجلس النواب، والرفض الشعبي المترافق والداعم، على الرغم من معرفة الإدارة التنفيذية للشركة ومجلس إدارتها أن تلك الوظائف لم تلغ أساساً، وإنما تمّ فقط تغيير مسمياتها.

 وبالتالي يصبح من حق المسرحين العودة لوظائفهم دون إبطاء أو مراوحة، ويتحتم على مجلس إدارة الشركة أن يكون أكثر إقناعا للرأي العام  وللمسرحين بالدرجة الأساس بضرورة الامتثال لعودتهم لوظائفهم ذاتها طالما أن مواقعهم لا زالت قائمة وإن تغيرت المسميات، كما يتحتم على وزارة العمل أن تكون أكثر  إصراراً واقناعاً للجميع بأنها تمارس صلاحياتها ودورها المنوط بها في حماية العمالة الوطنية، وهي التي ما برحت تؤكد علنا أن الأولوية للبحرينين، فيما هي تعلم قبل غيرها اعداد الموظفين الاجانب المتضخمة في طيران الخليج وما تمنحه لهم من رواتب عالية وامتيازات! علاوة على ما يشغلونه من مواقع واستنزاف لموارد الشركة، في وقت يستطيع أبناء الوطن شغل تلك المواقع بسهولة وبكلفة أقلّ كثيراً مما يعطى لهؤلاء الأجانب!

نعلم أن طيران الخليج ليست أول أو آخر شركة تستمر في “تطفيش” أبناء الوطن، على الرغم من حاجتها كناقلة وطنية تعاني من محن فساد وتجاوزات وسوء ادارة مزمن، أن تكون قريبة منهم ومن أسرهم ومجتمعهم البحريني، الذي وقف ويقف مع الشركة وتطوّرها المنتظر في ظل المنافسة المحتدمة إقليمياً ودولياً في صناعة الطيران والسفر، إلا أن هناك شركات كبرى ومتوسطة وصغيرة لا زالت تستفيد من الثغرات الكبرى التي أحدثها تعديل قانون العمل الذي لم تعدّ فيه الأولوية للبحريني، ابن البلد، بكل أسف، لتستمر في عمليات التطفيش والتسريح، والتوقف عن صرف الأجور لأشهر، دون أن تهتم بحجم ما تتسبب فيه من تداعيات اجتماعية ومعيشية خطيرة في ظل صمتٍ غير مبرر  أو مفهوم من قبل وزارة العمل أو من الجهات المعنية بأمر تلك الشركات، ليبقى التحدي الكبير أمام المسؤولين عن تلك الشركات غير المنضبطة والمتجاوزة لأبسط حقوق العاملين فيها أن يبرهنوا على التزاماتهم الأدبية والأخلاقية والوطنية تجاه كافة العاملين من أبناء الوطن.