إنشغل الرأي العام بقضية قيام الناقلة الوطنية، شركة طيران الخليج، بفصل 35 من موظفيها البحرينيين بطريقة مهينة، حيث بُلّغوا بقرار الفصل في نفس يوم فصلهم، مع أن بعضهم خدم الشركة لعدة عقود، بحجة إعادة الهيكلة، وهي القضية التي أولاها مجلس النواب اهتمامه ايضاً، فيما نددت بالفصل عدة جمعيات سياسية، بينها المنبر التقدمي، الذي أصدر بياناً مستقلاً حول الموضوع، كما كان إحدى الجمعيات الموقعة على البيان المشترك، الذي قالت فيه الجمعيات: “إن الدولة قامت بصرف مئات الملايين من الميزانية العامة على دعم هذه الشركة وتمكينها من مواصلة عملياتها، وكان أحقّ أن تُصرف هذه الأموال على دعم معيشة المواطنين”.
يأتي فصل عشرات الموظفين البحرينيين من عملهم في الشركة كجزء من أزمة عامة تعاني منها البلد، هي البطالة التي تشمل أعداداً هائلة من المواطنين، غالبيتهم من الشباب بمن فيهم حملة الشهادات الجامعية والعليا في تخصصات مختلفة، والشركة تعلم أن تسريح هؤلاء الموظفين سيلقي بهم أيضاً في متاهة البطالة نفسها، ليضافوا إلى بقية العاطلين.
تتناقض إجراءات الفصل مع ما تعلنه الحكومة من برامج ومبادرات لتوظيف المواطن البحريني، وأحقيته في التوظيف، للتغلب على معاناة عوائل كثيرة، تشاهد أبناءها بلا عمل لسنوات طويلة، مما يطرح عدة أسئلة حول مدى وفاء الدولة بالتزاماتها تجاه مواطنيها، بصفتها ضامناً للاستقرار والأمن المعيشي، وهو الأمر الذي دعا القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني لمطالبتها بإيجاد حلول بديلة، لا تنال من لقمة عيش المواطن، وتوفير فرص العمل للمواطنين وتأمين استدامتها والالتزام بالخطط الوطنية وبرامج وخطط البحرنة والالتزام بما نصّ عليه برنامج عمل الحكومة لسنوات 2023-2026 في محور التعافي الاقتصادي، كما أشار إلى ذلك بيان المنبر التقدمي.
لا تنفصل هذه القضية عن قضية أخرى مهمة ينشغل بها المجتمع البحريني بكافة مكوّناته، ألا وهي الضرائب والرسوم التي يتوالى فرضها على كاهل المواطنيين لاستنزاف ما في جيوبهم من أجل التغلب على الصعوبات الاقتصادية الجديّة التي تعاني منها البلاد، وهي صعوبات مرشحة للاستمرار، تهرب الدولة من معالجتها بالتمادي في الاقتراض، ما نجم عنه ارتفاع مقلق في الدّين العام، دون حسبان عواقب ذلك المستقبلية على الاقتصاد الوطني والاستقرار المالي في البلاد، وكذلك على أوضاع الشعب المعيشية.