الخروج على روح  ميثاق العمل الوطني

0
15

لأننا كعادتنا كشعب طيب يستجيب لأي بادرة إيجابية بسلوك تلقائي للمحافظة على مكتسباته حباً لبناء وطن المستقبل المنشود ورفعة أبنائه، وذلك تعزيزاً وتثبيتاً لدولة القانون من خلال التأكيد على المبادئ الأساسية، فإننا، وبمناسبة مرور أكثر من 22 عاماً على صدور ميثاق العمل الوطني، نستكر كيف شكّل منعطفاً تاريخياً، حيث صوت عليه بنعم  98.4% من شعب البحرين، وذلك في الرابع عشر من فبراير من العام 2001، وكان بشارة خير لقرار شجاع، راج تجسيده في الصحافة، حيث اتخذ مساحة كبيرة على جميع صعد الإعلام المقروء والمتلفز والمذاع.

لقد بدأ المواطن يشعر بالاقتراب من تحقيق أمانيه وسيتنفس الصعداء، حيث صدر عفو عام عن 281 من المحكومين والموقوفين في قضايا أمن الدولة، وتبعه عفو عن 16 من المسجونين وعودة 500 من المنفيين يعيشون في دول مختلفة من العالم، إلى الوطن والمشاركة في بناء مستقبله، لقد حلموا بهذه اللحظة وهم يحملون جراحاً استطاع ميثاق العمل الوطني التعالي على تلك الجراحات والمصاعب ومرارة ماضٍ ولى، اعتقدنا أنه سيولي للأبد لأننا دوماً ننظر للأمام، لانضمر كراهية ولا حقد، حيث مر الوطن الصغير والكبير بأبنائه بمخاضات كثيرة، لكنه استطاع ان يجدل ملامح جدة لمنارته.

لقد برزت يومها سمة التسامح وفتح باب الحوار الوطني بين كل الفرقاء في العمل السياسي الذي خلق أجواء تضع بلسماً على الجراح، وفتحت بوابة العمل الديموقراطي لبناء وطننا الغالي، حيث تكريس المشروع الإصلاحي توقاً للحرية ومجتمع المؤسسات المدنية، كان بريقاً بعد أكثر من سبعة عقود، وكان عهداً جديداً في حياة شعب بعد (قانون أمن الدولة) الذي امتد أكثر من ثلاثة عقود، حيث دخل الوطن بعد حل المجلس الوطني الأسبق في أزمة سياسية خانقة، فتحققت أهداف سياسية واقتصادية وثقافية وانطلقت حرية تكوين جمعيات العمل الوطني وتشكيل النقابات العمالية والتكافل الاجتماعي بين الناس وتحققت بعض الإنجازات الهامة، رغم أن هذه الإنجازات التي طرحها الميثاق كانت قاصرة، وكان التطبيق يحبو، حيث كانت مخالفات مسكوت عنها وانعدام الجدية، وبعد سنوات ابتدأت التراجعات بينة وملحوظة في التطبيق، حتى النواحي الأمنية، وسرعان برزت خلافات في سبيل إعطاء رؤية صحيحة تخرج الوطن من محنته، ورغم أننا نؤمن بطبيعة الاختلاف السياسي والاجتماعي، لكن يتحتم علينا أن يكون لنا دور مهم في أخذ الوطن إلى مصاف الدول التي ترسخت فيها الأسس الديمقراطية على أنها منهج مستمر ليس مزاجياً، متى أرادها نفر قليل يخدم مصالحه طبل لها ومتى كانت في خدمة السواد الأكبر رفضها!!

ان المشروع الوطني هام ويسهم في ابراز الروح الديموقراطية النبيلة ليكون سارية يقف عليها يتساوق في مهب، كرايته التي تتعافي قمتها راية الوطن، مجسدة كل معاني المحبة والألفة والتسامح المنشود الذي لا يعرف المزاجية في الاخلاق والتعامل والتعاون، حتى نرى في الأخير من يهزم القانون والبنود والمواثيق ويرسم طريق آخر مشوب بالأخطار والهموم مجدداً .. ما هذا إلا تيه في الهاوية وسلك طرق متعرجة لنغرق من جديد، وبالحتم سنفوق لننهض من جد لتعبيد طرق جديدة .. تأخذ ثمار الأجيال الجديدة، وهذا ما نأمله ونعمل من أجله.