وجه بومضة

0
11

تهزّ بأذيالها سقفَ غزّةَ 

تطفو على كيسِ مرمرهِ الطائراتْ 

لهاثُ أصابعِها،

ورطوبةُ غزّةَ في صيفِ آب 

أرقمانِ ينثّانِ سمّهما في السحاب. 

***

[شهيدٌ على زندِ جبريل 

متكئٌ ويسرّح شعرَ الغياب]

***

[صبيٌّ على ناصية 

يبيع العصير، ويطرد عنهُ الذباب]

[وحلمٌ طريدٌ يفتّش عن نومِهِ 

في الرؤوس الصغيرة.. 

ثم يضيع برأس المدينة]

***

[وعشر أغانٍ حزينة]

[وقابلةٌ ولّدت ذكراً من كتاب]

وما زال يرعُشُ سقف المدينةِ، والطائرات. 

***

ولا نهر يغسلُ وجهكِ غزّةَ 

غير اسمكِ الهرميُّ 

وعرسٌ فقيرٌ 

على حفرةِ الناي 

غير ابتسام الرضيع المحيِّرِ 

حين تحاصرهُ الطائرات.  

***

ووجهُ القتيلِ 

صلاةٌ إذا حانَ موعدها 

أيقظت دمها في الضحيةْ 

***

وغزّةَ سيّدةٌ 

لا تَعُدُّ 

إذا طارَ آباؤها ريشَهم 

بل تلملمهُ،

ريشةً.. ريشةً.. في انتظار المآب.  

***

لأنَ لغزّة 

وجهينِ في الاسم 

خلّ الحروف بأسمالِها 

لأن لغزة 

شعرا كثيفا كجدّتِها،

لا يُداهنُ في رسمِ صورتِهِ 

خلِّ صوتكَ منخفضاً 

ربما 

تتسمّعُ 

صوت 

الرصاصةِ 

متّجهاً نحوها في هدوء.

***

الطريق الطويل 

يحدّقُ في سقفِ غزّةَ 

والطائراتُ تُرقِّصُ أذيالها قلقاً 

والشهيدُ يهيئ موسمهُ للجنازةِ 

والنعشُ سارَ على قطنِهِ في ثباتْ 

وغزةَ تبصقُ شمساً على كلِّ عينٍ 

مخافةَ أن يحسدوها 

وما زالَ يرعشُ سقفُ المدينةِ، والطائراتْ. 

***

تمسكُ الطائرات 

بأطرافِ فستانِ غزّةَ عند الزفاف 

وللآن

لم أدرِ ممّ تخاف ؟؟ 

***

وكانت يداها ترمّمُ ليلاً 

وخامتها الشهداءُ 

يسيرونَ في قمرٍ 

وحدها الطائراتُ تحطُّ على جثّةٍ 

عندما يخرج الشهداء 

لدفنِ التراب

والشهيد الذي 

سوف يغدو شهيداً 

يُبادلُ حين ترفرفُ ذاكرةٌ 

فوق هدأةِ أنثاهُ 

عشق النحاس 

بِبُردِ يقينِ الضباب. 

فتُخرجُ غزّة منها يديها 

تلوّح للطائرات المُغيرة:

مرّي هنا، وهنا.. 

أنضجي شامتينِ بخدي.. 

فتفتحُ في صدرِ هذا الغزالِ المحاصرِ في قلبهِ 

ألفَ باب. 

وما زالَ يرعشُ سقف المدينةْ. 

***

أشارَ بخنصرهِ

فدغدغَ وجهَ السماء 

***

كلُّ ليلة

غزّة يُفزعها حلمٌ واحدٌ 

أنّها ربمّا.. سيمرُّ على كتفيها نهارٌ

بدونِ شهيد 

فتستغفر الله 

ثمّ تفزُّ لكي تتوضأَ من دمها 

من جديد.. 

***

ملساءُ هذي الثواني 

يبلّلها عرقٌ 

حين تعبر أسطورةً 

بين فخذينِ

يا وجهَ غزّة حدِّق 

(بشبريّةِ) الظهرِ،

حدِّق بطلقةِ ليلٍ 

بغارةِ فجرٍ 

برائحةِ الطلقاتِ

هنالكَ وهمٌ يلوب وراءكَ 

كن كوكب الغرقِ المتحفِّزِ 

كي تَسَعَ الطعنةَ القادمة 

ويا وجهَ غزةَ كن 

زهرة اللوتس النائمة

بأثوابِ أمّكَ 

ما زال يرعشُ..

والطائرات. 

***

يلينُ إذا مرَّ ضوءٌ 

على بطنِ حبلى،

فيتركُ في فجوةِ السرِّ ظلاّ. 

***

وما زالَ 

يرعش سقف المدينةْ 

والطائراتُ تراودُ غزةَ عن نفسها 

حين يهبطُ موتٌ 

على حضنِها كرضيعٍ

فتقرؤهُ واضحاً كالحريقِ 

ومستسلماً كسرابِ سفينةْ

***

إلى أينَ يأخذ هذا الشهيد الصباحَ 

ويمضي بغفلتِهِ؟

إلى أين يأخذُ رمّانةَ الوجدِ 

حاسرةً عن شغافٍ خفيفٍ 

ويصعدُ سلّمَهُ؟

الطائراتُ 

تفرّغُ أحشائها في يديهِ 

فيرمقها ببراقٍ مضيءٍ 

ويدخل في دمِهِ موصداً بابَهُ خلفنا 

دونَ أن يكترث. 

إلى أين يمضي؟

ومن أيِّ باب.

إلى أين خلّفتنا يا شهيدُ 

نصارعُ هذا اليباب!

***

وغزّة 

تغلق نافذة اليوم 

في وجهِ طائرةٍ أخلَفَت موعِدا 

وتقول لها:

فرغَ الشهداءُ المقيمونَ من عرسِهم،

إن أردتِ 

تعالي غدا.