أثارت تصريحات وزير التراث الصهيونى الكثير من الجدل، بعد أن قال عميحاي الياهو: إن استخدام القنبله النووية ضد قطاع غزة قد يكون “حلًا ممكنًا” فيما يبدو رسالة تهديد صهيونية، بعد أن وصل جيش الاحتلال إلى طريق مسدود، ولا يبدو أن قيادته ترى مخرجًا قريبًا.
بحسب ما ذكرت جريدة ” قاسيون ” السورية، ردّ الياهو على سؤال في مقابلة مع راديو “كول بيراما” عما إذا كان ينبغي قصف غزّة بقنبلة نووية بالقول: إن ذلك “يمكن أن يكون أحد الاحتمالات”، وأسهب الوزير في شرح ما قصده، قائلاً: “إن قطاع غزّة يجب ألا يبقى على وجه الأرض”، وإن على إسرائيل إعادة إقامة المستوطنات فيه”، واعتبر أن مصير الأسرى من جنود الاحتلال والمستوطنين يمكن أن يكون “ثمنًا لهذه الحرب”، ليعلن بعدها أن حياة من وصفهم بـ”المختطفين” ليست أغلى من حياة جنود الاحتلال الذين يقتلون في المعارك الحالية. وبخصوص الفلسطينيين الذين تحملوا أقسى أشكال القصف والعدوان منذ 7 أكتوبر قال وزير التراث: “فليذهبوا إلى إيرلندا أو الصحارى، وليتولى الوحوش في غزّة مهمة الحل بأنفسهم”.
دعوات عميحاي إلياهو للإبادة الجماعية لم تختلف عن سلوك الاحتلال منذ عام 1948، لكن المثير للانتباه أن هذه التصريحات لاقت “ااستهجانًا” من قبل بعض سياسيي الكيان وقادة المعارضة، لنشاهد بعدها مسرحية مكشوفة لا تنطلي على أحد. فجمّد بنيامين نتانياهو عضوية الوزير الذي ينتمي لحزب “عوتسما يهوديت” اليميني المتطرف بزعامة إيتارمار بن غفير، ومنعه نتنياهو من حضور اجتماعات الحكومة حتى إشعار آخر. واعتبر كلام الوزير إلياهو “منفصلًا عن الواقع”، وادّعى رئيس الحكومة أن “إسرائيل والجيش الإسرائيلي يتصرفان وفقًا لأعلى معايير القانون الدولي، لمنع إلحاق الأذى بالأشخاص غير المتورطين”. كما لو أن العالم لم يشاهد ما فعله جيش الاحتلال من جرائم حرب خلال تاريخه، وخلال الشهر الماضي تحديداً
لم يعد خافيًا على أحد أن الكيان ومنذ بدء عدوانه الوحشي الأخير خسر كثيرًا على مستوى الرأي العالمي، ولم يظهر بموقع “الضحية” رغم كل محاولات الدعاية الصهيونية، ويبدو أن المعركة الصعبة التي يخوضها في القطاع باتت تفرض عليهم مزيدًا من التصعيد والتهديد، وخصوصًا مع الحديث عن إمكانية انخراط لاعبين آخرين بشكل أكبر في المعارك الجارية. فعضو “الكنيست” يفعات بيتون وصف الياهو بالغبي، وأن تصريحاته هذه تدمر جهود “الدعاية الإسرائيلية ” حول العالم، لكن ما قاله الياهو لابد أنه يدور في أذهان قادة الكيان المأزوم، لكنهم غير قادرين في اللحظة الحالية الإفصاح عما يفكرون به فعلًا، ويبدو أن هذه المهمة أوكلت إلى الوزير لتكون الرسالة قد قيلت، ولاينفع بعدها تجميد عضويته أو إقالته!
في الأشهر الماضية كان استخدام صفة “المتطرف” لوصف قوى سياسية داخل الكيان، وتحديداً أولئك الذين استعان بهم نتنياهو للخروج من دوامّة الانتخابات المتكررة، لكن المسألة في الحقيقة مختلفة كلياً، إذ رافقت صفة “المتطرف” كل الحركة الصهيونية منذ نشأتها، ولا يمكن الحديث فعلًا عن “متطرفين”، كما لو أن هناك “معتدلين” في مقابلهم. وليس المقصود هنا القول: إن لا فروق بين القوى السياسية داخل الكيان، بل القول إن هذه الفرق ترى مقاربات مختلفة لإدارة الأزمة الوجودية التي يمر بها الكيان، وما يثير الاهتمام هو أن معظم الانتقادات التي وجهت من داخل الكيان لتصريحات إلياهو لم تستنكر فكرة الإبادة الجماعية، أو اللجوء للأسلحة المحرمة دوليًا ضد المدنيين، بل ركزت على أن استخدام هذا السلاح يمكن أن يضرّ بالأسرى الصهاينه داخل القطاع. إذ قالت عائلات الأسرى في بيان تداولته وسائل الإعلام: “نطالب رئيس الوزراء باتخاذ إجراءات فورية ضد أي وزير يرغب في إيذاء المختطفين والمفقودين”، ولم يخرج زعيم المعارضة يائير لبيد في انتقاداته عن هذا الخطاب، إذ اعتبر أن مشكلة التصريحات تنحصر في كونها “تضرّ بعائلات المخطوفين والمجتمع الإسرائيلي وبمكانة إسرائيل الدولية”.
About the author
كاتب بحريني وعضو التقدمي