الإغلاق الكلي الذي تسببت به جائحة كوفيد – 19 دللت على أن الحديث عن ملف الأمن الغذائي لا يعدّ ترفاً أو من الكماليات، لا سيما مع ما يتعرض له العالم اليوم من أزمات دولية عسكرية وسياسية، وانعكاسات ذلك المباشرة على بلدٍ صغير حجماً وقدرات كالبحرين.
وهو ما أكدته لجنة التحقيق البرلمانية بشأن الأمن الغذائي التي أنهت أعمالها مؤخراً، وخلص تقريرها لنتائج لا أحسب بأن أياً من الجهات الحكومية والرسمية غافلة عنها، حيث بيّنت اللجنة لجوئنا لاستيراد أكثر من 90% من احتياجاتنا الغذائية، مقابل انتاج محلى لا يتعدى 10% فقط. كما توصلت اللجنة لتقدير المخزون الاستراتيجي من الغذاء بأربعة أشهر ونصف الشهر فيما يجب أن يكون معدله الطبيعي لا يقل عن سنة كاملة.
وضعت اللجنة ملاحظاتها واستنتاجاتها في تقرير ضخم فاقت عدد صفحاته الألف صفحة مبينة وضع المخزون السمكي والإنتاج الحيواني والنباتي وسواها من مواد غذائية بات النقاش عنها في عالم اليوم مقروناً بالأمن والاستقرار الاجتماعي بل وحتى السياسي.
في المقابل، سخّرت الوزارات المعنية في الدولة امكانياتها في معرض مراعي الذي فتح أبوابه للجمهور عدة أيام، وبدلاً من أن يكون فرصة لفتح الباب أمام القنوات لتشكيل جبهة وطنية تُعنى بالأمن الغذائي وتخصص الموارد اللازمة لتشجيع المزارع المحلي ومربي الحيوانات الداجنة والراعية والمهتمين بالإنتاج السمكي لتطوير قدراتها أو جمعهم مع مستثمرين محليين تحت سقف واحد وبرعاية من الدولة لتأمين مثلث انتاج متكامل للوقوف على أول درجات تأمين الأمن الغذائي وتحقيق نسب انتاج محلي أعلى مما هو معمول به حالياً وصولاً لمعادلة رابحة لجميع أطراف المثلث؛ ولكن ما حصل هو غير ذلك تماماً، فتحول المهرجان لمعرض فرجة للحيوانات النادرة والمميزة وفقرات ترفيهية، لا تصب فيما ذهب القصد الأساسي من تأسيس هذا المعرض الحيواني الذي لو تمّ استغلاله سنوياً لتحقيق أهدافه الأساسية بدلاً مما هو حاصل لتم اختصار الكثير من الحديث في ملفات عدة تضغط بشدة على حياة المواطن المعيشية من ارتفاع أسعار المواد الغذائية وصولاً لملف البطالة، كلها قضايا يمكن المساهمة في حلحلتها لو تحقق الاستخدام الأمثل لمعرض المراعي السنوي.